استطاع محمد على باشا أن يؤكد استقراره فى حكم مصر، وذلك من خلال تأسيس مقبرة شمال غرب ضريح الإمام الشافعى، حيث اشترى محمد على أرض حوش إبراهيم باشا عام ١٨٠٥، ليبنى عليها مدفنًا من قبتين له ولأسرته، وظلت هذه المقبرة موضع الدفن الرئيسى لخلفائه وأفراد عائلته وموظفى البلاط وخادميه حتى أوائل القرن العشرين.
يقع حوش الباشا المُسجل ضمن عداد الآثار بوزارة السياحة والآثار، فى شارع الإمام ليث فى منطقة الإمام الشافعى، ومدفون فيه حكام مصر السابقون: إبراهيم باشا، وعباس حلمى باشا، ومحمد سعيد باشا، بالإضافة إلى أمينة هانم زوجة محمد على باشا، ووالدة الخديو توفيق السيدة شفق النور، وآخرين.
حوش الباشا مجموعة من المدافن تعود للأسرة الملكية العلوية، تقع خلف قبة الإمام الشافعى فى القرافة، والمسماة بنفس الاسم، ويعود تاريخ إنشائها إلى عامى ١٨٠٥ و١٨١٥ ميلادية، أى منذ ما يقرب من ٢٢٠ عاما مضت، وقد أنشأها الوالى العثمانى محمد على باشا، لكنه لم يدفن فيها، حيث دفن بجامعه الشهير فى قلعة صلاح الدين، وتُعد مقابر الباشا، والتى يطلق عليها البعض «حوش الباشا»، ثانى أكبر مقبرة فى العالم بعد مقبرة تاج محل فى الهند، وتتميز هذه المدافن بالجمال المعمارى والنوافذ الملونة، والتى لا تقل سحرًا عن جمال القصور، والتى تحتوى على مزيج بين التراث العربى الإسلامى والتركى.
جانب من حوش الباشا
جانب من حوش الباشا
جانب من حوش الباشا
تتكون مقابر حوش الباشا من ٦ قباب وتعود إلى عهد محمد على، بينما قام الخديو توفيق من بعده بإضافة القبة السابعة، والتى تنفصل نسبيًا جهة الجنوب، وخلال الربع الثانى من القرن العشرين، حاول الملك فاروق توحيد مظهر الضريح من خلال إعادة بناء واجهته ومدخله من شارع الإمام الليث، والواجهة الرئيسية للمقابر تقع فى الناحية الغربية، وهى واجهة حجرية يتوسطها مدخل رئيسى، يتقدمه برجان حجريان مضلعان، يغطيهما عقد مدائنى بسيط خال من الزخارف، يرتكز على عمودين متماثلين من الجرانيت الأحمر، وتكتنف هذا المدخل مكسلتان حجريتان بينهما فتحة باب ذات مصراعين خشبيين، يعلوهما عتب حجرى مستقيم، عليه كتابة نسخية بارزة على أرضية من الزخارف الهندسية، نصها «مدافن العائلة المالكة».
وللقباب واجهتان، أولاهما فى الناحية الغربية، وهى من الحجر الفص النحيت، وتنقسم إلى قسمين، تتوسط أولهما دخلة مستطيلة فى أسفلها فتحة شباك مغشى بحجاب من المصبعات الحديدية، وتنتهى بصدر مقرنص بمقرنصات ذات عقود منكسرة من حطة واحدة، ويتقدم ثانيتهما سلم من ست درجات حجرية تفضى إلى منطقة ترابية حاليا، وتتوسطه دخلتان مستطيلتان أسفل كل منهما فتحة شباك مغشى بحجاب من المصبعات الحديدية، وتنتهى الدخلة بزخرفة من طراز الباروك.
وتضم مقابر حوش الباشا ١٦ مقبرة من أسرة محمد على باشا، وأقربائهم، والخدم المخلصين، فعند وفاة ابنه طوسون عام ١٨١٦ قام بعمل تركيبة فخمة لقبره وأحاطها بمقصورة برونزية وأوصل المياه إلى قرافة الإمام الشافعى بعد إصلاحاته وتجديداته بسور مجرى العيون، وتشتمل قبتان من القباب السبع على ١٥ مدفنًا، وعام ١٨٨٣ قام الخديو توفيق بإنشاء حجرة دفن لوالدته «شفق نور هانم»، ومن أهم الشخصيات التى دفنت بالحوش والى مصر إبراهيم باشا بن محمد على باشا ويتكون ضريحه من ٣ طوابق هرمية من المرمر الإيطالى، ومزخرف بالكامل من القاعدة الأرضية حتى أعلى الشاهد بأشكال نباتية وعربية على الطراز الإسلامى ويمثل فى بنائه وزخارفه وحدة هندسية متكاملة الشكل، ويعلو الضريح شاهدان للقبر الأول كتب عليه أبيات الشعر والمدح والرثاء، والآخر كتب عليه تعريف بصاحبه باللغة التركية ويعلوه الطربوش التركى باللون الأحمر، بالإضافة إلى قبر والى مصر محمد سعيد باشا.
جانب من حوش الباشا
جانب من حوش الباشا
جانب من حوش الباشا
بجانب قبر إلهامى باشا ابن عباس حلمى الأول وضريحه مكون من طابقين من الرخام المزخرف، ونقشت عليه الآيات القرآنية، قبر فتحية هانم زوجة عباس حلمى الأول، قبر الأميرة شمس زوجة عباس حلمى الأول، قبر الأميرة ملك زوجة محمد سعيد باشا، قبر الأميرة إنجى زوجة محمد سعيد باشا، قبر الأمير أحمد بن إبراهيم باشا، قبر الأميرة عين الحياة والدة محمد سعيد باشا، قبر الأمير طوسون باشا ابن محمد سعيد باشا، قبر الأمير محمد ابن طوسون باشا ابن محمد سعيد باشا، قبر الأمير محمود طوسون باشا ابن محمد سعيد باشا، قبر الأمير محمود بن محمد سعيد باشا، قبر الأمير محمد على ابن إسماعيل باشا، قبر رقية هانم ابنة يكن باشا شقيق نور هانم، قبر الأميرة زينب ابنة يكن باشا شقيق نور هانم.
كما توجد فى مقابر حوش الباشا ضريح والى مصر عباس حلمى الأول، ويتكون من ثلاثة طوابق منقوشة بأشكال نباتية وعربية جميلة يعلوه شاهد كتب عليه باللغة التركية تعريف بصاحب القبر، والدعاء له، ويعلو الشاهد الطربوش التركى، وأحيط القبر بسور نحاسى ضخم منقوش بأشكال هندسية مفرغة، بالإضافة إلى ضريح نور هانم والدة عباس حلمى الأول، وهو من أضخم وأفخر الأضرحة النسائية بمجموعة مدافن الإمام الشافعى، وطوله نحو ثلاثة أمتار، وعرضه متر ونصف المتر، وارتفاعه عند الشاهد ٤ أمتار، وهو مصنوع من الألباستر النادر.