يمر اليوم 116 عامًا على ميلاد الفنانة الكبيرة أحد أهم رائدات الفن المصرى والعربى والتى ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 15 نوفمبر عام 1908 وعاشت حياة زاخرة بالأحداث والتقلبات صعدت فيها إلى قمة المجد والشهرة والثراء ولكن كل هذا لم يستمر ليتقلب بها الحال فى نهاية حياتها وتعيش ظروفًا وأحداثًا مأساوية حزينة.
ولدت بالإسكندرية وسبقتها أختيها رتيبة وإنصاف رشدي، فى العمل بالفن، فبدأت فاطمة حياتها الفنية مبكرًا، عندما كانت في التاسعة أو من عمرها حين زارت فرقة أمين عطا الله حيث كانت أختها تغنى بالفرقة، فأعجب بها أمين عطا الله وشعر بأنها موهوبة فأسند إليها دورًا في إحدى مسرحياته، وبعدها تنقلت فاطمة رشدى بين عدد من الفرق المسرحية الشهيرة ومنها فرقة الجزايرلى وفرقة رمسيس حتى كونت فرقة خاصة حملت اسمها وقدمت العديد من المسرحيات وحققت شهرة كبيرة وسافرت إلى عدد من الدول العربية، وأطلق عليها لقب سارة برنار الشرق.
ولم تقتصر موهبة قدمت فاطمة رشدى على التمثيل فقط بل أحيانا تقوم بالتأليف والإخراج والتمثيل، ومن أشهر أفلامها: العزيمة، العامل، الطريق المستقيم، بنات الريف، الجسد، وغيرها.
كانت نجمة عصرها وملكة متوجة على عرش الفن فكانت النساء يقلدنها ويتبعن الموضة التى تبتكرها وترتديها ، ويذكر أنها كانت من أوائل السيدات اللاتى ارتدين البنطلون فى القاهرة وقلدتها النساء حتى انتشرت موضة البنطلون فى مصر.
وشاركت فاطمة رشدى عمالقة الفن فى العديد من الأعمال وكانت تحرص دائمًا على إتقان أدوارها، ونالت شهرة واسعة وأصبحت من أغنى نساء عصرها، كما لقبت بأجمل ممثلة على المسرح وكان لها آلاف المعجبين الذين تمنوا منها نظرة.
ومن بين الطرائف التى حدثت مع الفنانة فاطمة رشدى قصة طالب بكلية الحقوق أصبح بعد ذلك محاميًا شهيرًا، وقع فى غرامها وتمنى مقابلتها، ولم يكن هذا بالأمر اليسير، حيث كانت تحيط نفسها بالسكرتيرات والأتباع الذين يمنعون أى معجب من التحدث معها، وكان المعجب الذى يبتسم له الحظ ويحظى برد من فاطمة رشدى، يعتبر ذلك نصرًا كبيرًا.
وأرسل طالب الحقوق المعجب رسالة إلى النجمة الكبيرة يقول لها فيها إنه على استعداد أن يدفع لها أى مبلغ تطلبه مقابل خصلة صغيرة من شعرها ليحتفظ بها، ووقعت الرسالة فى يد إحدى سكرتيرات فاطمة رشدى التى أرادت استغلال الموقف والاستفادة من هذا العرض، فقابلت السكرتيرة طالب الحقوق وقالت له إنها على استعداد أن تقدم له خصلة من شعر فاطمة رشدى مقابل 50 جنيهاً، وكان مبلغاً كبيراً جداً وقتها.
وقال طالب الحقوق لسكرتيرة فاطمة رشدى إنه على استعداد أن يدفع 100 جنيه إذا أقنعت النجمة الكبيرة بتقديم خصلة الشعر له بنفسها.
وذهبت السكرتيرة إلى الفنانة الكبيرة لتقنعها بالعرض الذى قدمه طالب الحقوق، وكانت فاطمة رشدى بصحبة إحدى صديقاتها، فصرخت الصديقة حين سمعت ما قالته السكرتيرة ، قائلة: "إن هذا الطالب يريد أن يسحر لك"، واقتنعت النجمة بكلام صديقتها ورفضت عرض الطالب وطردت السكرتيرة.
ورغم الشهرة والمجد الذى وصلت له فاطمة رشدى لكنها اعتزلت الفن في أواخر الستينيات، حيث انحسرت الأضواء عنها مع تقدمها فى السن، فتدهورت حالتها المادية وكانت تعيش أواخر أيامها في حجرة بأحد الفنادق الشعبية في القاهرة، إلى أن تدخل الفنان فريد شوقي لدى المسئولين لعلاجها على نفقة الدولة وتوفير المسكن الملائم لها، وبعد استلام الشقة رحلت فاطمة رشدى وحيدة حزينة بعد حياة حافلة بالفن والأحداث فى 23 يناير عن عمر يناهز 87 عامًا.