المصري اليوم

2024-11-16 08:00

متابعة
بناه ملكان من الأسرة الثالثة وارتفاعه 92 مترًا وقاعدته 144 مترًا.. رحلة داخل «هرم ميدوم»

هرم ميدوم بالرغم من أنه أكثر الأهرام غموضًا، ويعتبر الحلقة المفقودة فى كيفية بناء الأهرامات، ويمثل طفرة كبيرة فى التحول من طور الهرم المدرج إلى الهرم الكامل وهو الطور النهائى فى بناء الهرم.

جانب من هرم ميدوم

يقع هرم ميدوم على حافة الصحراء غرب مدينة الواسطى بمحافظة بنى سويف على بعد ٤٥ كيلومترًا شمال مدينة بنى سويف، وسُمى على اسم قرية ميدوم المجاورة له الذى اشتُق من أصل مصرى قديم، وكانت تعرف باسم «مرتم» أى بحيرة الإله آتوم، وجبانة ميدوم كانت تُعرف قديمًا باسم «جد سنفرو» أى أبدية سنفرو، وتعتبر منطقة ميدوم من أهم المعالم السياحية فى مصر والعالم، ويعتبر هرم ميدوم هو خامس هرم تم بناؤه فى مصر بعد هرم زوسر المدرج بسقارة وهرم سخم خت والهرم ذى الطبقات والهرم الناقص، ويعتبر أول هرم أُنشئ ليكون هرمًا كاملًا، وتعاقب فى بنائه ملكان وأسرتان هما الملك حونى آخر ملوك الأسرة الثالثة وابنه الملك سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة، بالرغم من عدم إجماع علماء الآثار على ذلك، ونسبه البعض لسنفرو، كما أن النقوش الجرافيتية التى عُثر عليها فى المعبد الجنائزى للهرم أشارت إلى أن الهرم ينتمى إلى سنفرو.

جانب من هرم ميدوم

وقال الأثرى جمال عليش، مدير عام ترميم آثار ومتاحف بنى سويف والفيوم، إن بعض الأثريين القدماء قالوا إن ميدوم هرم كاذب لعدم عثورهم على توابيت فى غرف الدفن غير تابوت خشبى فقط إلا أن الأثريين الجدد أكدوا أهميته وهيئة الآثار المصرية اهتمت به وانتهت من أعمال ترميم لإزالة «السناج وتكلسات الأملاح» وإعادة تركيب الأجزاء الساقطة فى الصالتين الأولى والثانية والممر وغرفة الدفن واستمرت أعمال الترميم ٥ أعوم حتى أصبح الهرم من الداخل فى وضع جيد يتيح للسائح زيارة آمنة، وقام باحثان معماريان هما دورميون وفرهرت بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار فى محاولة للكشف عن حجرات أخرى داخل الهرم بعد دراسة مستفيضة لغرفة الدفن وعمل ثقب أعلى البئر المؤدية لغرفة الدفن وتمرير منظار بكاميرا بداخله ليكتشفوا وجود غرفة صغيرة مماثلة لغرفة الدفن لها سقف متدرج من طراز (كوربل)، ثم قاموا بإزالة الأحجار التى تسدها ولم يجدوا فيها شيئًا واتضح أن هذه الغرفة كان الهدف منها تخفيف الأحمال على ممر أسفلها مع وجود غرف مثلها فوق الصالة الأولى والصالة الثانية والممر الطويل وكان الهدف منها تخفيف الأحمال.

وأفادت أحدث الدراسات عن هرم ميدوم أن المالك سنفرو بدأ الطور الأول والطور الثانى لبناء هرم ميدوم، وترك الهرم مدرجًا من ثمانى درجات، ثم توقف العمل فيه واتجه إلى دهشور ليبنى هرمين، الأول هو الهرم المنكسر، والثانى هو الهرم الأحمر، ثم عاد فى العام الخامس عشر ليكمل هرم ميدوم ليكون هرما كاملا، فبدأ الطور الثالث من البناء ولكن لسبب ما لم يكتمل العمل فيه.

ويقول الدكتور محمد إبراهيم، وكيل وزارة الآثار ببنى سويف: «كثير من العلماء حاولوا فك لغز طريقة بناء هذا الهرم، وكيف أصبح بهذا الشكل، ومن أشهرهم برنج وفيز فى عام ١٨٣٩ وأول من دخل هذا الهرم ماسبيرو، ثم بترى ووينرايت عام ١٨٩٠، وقام بوخارت بدراسة هذا الهرم عام ١٩٢٧ ونشر رسومات تخطيطية له ثم بعثة متحف الجامعة بجامعة بنسلفانيا، وتعتبر مجموعة الهرمية هرم ميدوم أقدم مجموعة كاملة تم الكشف عنها وكان يوجد حول الهرم سور خارجى ولكنه تهدم، وهناك أقدم معبد جنائزى كامل يلتصق به إلى المنتصف من الناحية الشرقية للهرم، ويحتوى على طريق صاعد يمتد من المعبد الجنائزى إلى حافة الوادى ليتصل بمعبد الوادى الذى من المفترض وجوده تحت الأرض الزراعية وحاول بترى الكشف عنه وحالت المياه الجوفية دون ذلك».

ويصف وكيل وزارة الاثار المعبد الجنائزى بأن به فناء صغيرًا تتوسطه مائدة قرابين ولوحتان جنائزيتان من الحجر الجيرى، ويوجد على جدرانه كتابات سجلها الزوار بالخط الهيراطيقى وترجع هذه الكتابات إلى عصر الدولة القديمة، وأكثرها من أيام الأسرة ١٨ فى الدولة الحديثة، ومن بين هذه النقوش نص مؤرخ خلال العام ٤١ من حكم تحتمس الثالث قال كاتب النص: «إنه أتى هنا ليرى معبد سنفرو الجميل وطلب الرحمة لروح الملك سنفرو والملكة مرس عنخ».

وأضاف: «إن هرم ميدوم اتخذته محافظة بنى سويف شعارًا لها ويبلغ ارتفاعه ٩٢ مترًا وهو ارتفاع لم يبلغه مبنى من قبله وعرضه عند القاعدة ١٤٤ مترًا وزاوية ميله ٥١.٥٣ درجة»، وكشف العالم بترى أنه بُنى على رصيف من الحجر الجيرى يتكون من ٣ مداميك، وفى محاولة من بترى لفهم كيفية بناء هذا الهرم وتركيبه المعمارى قام مع العالم الأثرى (ينرايت) بحفر نفق فى الجانب الشرقى من الهرم إلى الجنوب من المعبد الجنائزى فى المصطبة الأولى ليكتشف أن الهرم بُنى من تسعة أوجه داخل بعضها البعض لكن خاب ظنه فى عثوره على غرفة دفن مخفية وتوصل إلى أن الهرم قد بُنى على ثلاثة أطوار: الأول مكون من هرم مدرج من سبع درجات وله سطح منحوت جيدًا وناعم، ثم الطور الثانى حيث تم توسيع الهرم من جميع الجوانب وإضافة درجة ثامنة ليصبح هرما مدرجا من ثمانى درجات، ثم الطور الثالث بعمل كساء خارجى بالحجر المنحوت الناعم وزاوية ٥١.٥٣ درجة ليكون هرما كاملا مستوى الأسطح وليس مدرجا، وفسر شكل الهرم الحالى الذى يشبه البرج، بسبب إزالة درجة من الطور الأول ودرجة من الطور الثانى بسبب نزع الأحجار من الهرم.

ويكشف الأثرى جمال عليش، مدير عام ترميم آثار ومتاحف بنى سويف والفيوم، أن الهرم تحول إلى محجر لاستخراج الأحجار بفعل سكان القرى المجاورة للهرم واستدل على ذلك بوجود آثار عجلات لعربات تجرها الحيوانات فى كل الاتجاهات حول الهرم، وبسبب سرقات الأحجار من الهرم فلا ندرى إلى أى حد قد انتهى بناء الهرم نظرًا لاختفاء درجتين منه، وقد زار أحد الرحالة العرب وهو الشيح أبومحمد عبدالله الهرم عام ١١١٧ كما زاره نوردن عام ١٨٩٩، وكان الهرم على نفس الشكل الموجود عليه الآن وعندما صعد روبرت فى عام ١٨٩٩ على قمة الهرم لتثبيت نقطة مساحية وجد أن الدرجة الأخيرة لم يكتمل بناؤها.

وأكد «عليش» أن مدخل الهرم على ارتفاع ١٦.٦ متر من سطح الأرض فى الضلع الشمالى من الهرم والمدخل بحالة جيدة، وبنوع من الأحجار الجيرية عالية الجودة، والمدخل يؤدى إلى ممر ينحدر تدريجيًا إلى أسفل بطول ٥٨ مترًا، ويظهر من داخله الأطوار الثلاثة فى بناء الهرم، ويعتقد أنه كان يوجد باب خشبى فى نهايته من أسفل، ويؤدى الممر إلى صالة صغيرة مربعة الشكل تفتح على صالة أخرى مماثلة لها، ثم ممر قصير يؤدى إلى بئر عمودية تتجه إلى أعلى بارتفاع ٦ أمتار يؤدى إلى حجرة الدفن، وهى حجرة مستطيلة طولها ٥.٩ متر وعرضها ٢.٦ متر، وأرضيتها فى نفس مستوى قاعدة الهرم من الخارج، ولها سقف مدرج من طراز كوربل، وعُثر على جزء من تابوت خشبى اعتُقد أنه ربما كان للملك سنفرو.

للإطلاع على النص الأصلي
74
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات