كتبت- سلمى سمير:
لطالما كان موضوع المهاجرين محورًا أساسيًا في خطابات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي لطالما عُرف بمواقفه الصارمة تجاه طوابير المهاجرين المتدفقة إلى الولايات المتحدة، لكن خلف هذه التصريحات المدوية، توجد قصة معقدة لعائلة ترامب نفسها، التي بدأت تاريخها في الولايات المتحدة على يد مهاجرٍ ألماني كان يسعى لبناء حياة جديدة في "أرض الفرص"، ألا وهو وهو جد ترامب فريدريش ترامب.
هاجر جد ترامب إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر، حيث كان أحد أولئك الذين جاؤوا من أجل تحقيق حلمه الأمريكي، ليصبح لاحقًا جزءًا من عائلة أثارت الجدل في تاريخ السياسة والاقتصاد الأمريكي.
لكن القصة لا تتوقف عند حدود النجاح، بل تتضمن أيضًا تداخلات مع أنشطة مشبوهة وأعمال تجارية مثيرة للجدل، ورغم أن دونالد ترامب يتحدث عن المهاجرين باعتبارهم تهديدًا لأمن البلاد، فإن ماضي عائلته يظهر جانبًا آخر من القصة، والتي بدأت بجده الذي بدأ حياته في الولايات المتحدة في مجالات كان في بعضها مجالًا للانتقاد.
الحلاق الذي بدأ مسيرته في نيويورك
وُلد جد دونالد ترامب، فريدريش ترامب، في ألمانيا في مدينة كالجاري بمقاطعة بافاريا الألمانية عام 1869، وهاجر بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1885 هربًا من الخدمة العسكرية الإلزامية وكان عمره حينها لا يتجاوز 16 عامًا، بحسب صحيفة "نيويوركر" الأمريكية.
في البداية، عمل فريدريش في مجال الحلاقة في مدينة نيويورك، حيث بدأ حياته المهنية بتقديم خدمات الحلاقة في أحد الأحياء التي كانت تحتفظ بسمعة مشبوهة في ذلك الوقت، لكنه لم يقتصر على عمله كحلاق فقط، بل ارتبطت حياته بممارسة أعمال غير مشروعة، ليصبح أحد العناصر المثيرة للجدل في ذلك الحين.
جد ترامب وارتباطه بالدعارة
عام 1891، توجه فريدريش، إلى سياتل في الساحل الشمالي الغربي بالولايات المتحدة، حيث افتتح أول مطعم له في شارع عُرف ببيع الخمور والعمل في الدعارة، حيث كان مطعمه واحدًا من المحلات التي تُعلن أنها توفر غرف خاصة للنساء أي للدعارة، بل وكان على تواصل مع منازل الدعارة في ولاية نيويورك الأمريكية، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية".
بعد ذلك بعدة سنوات، تداولت الأنباء عن وجود منجم للذهب في منطقة مونتي كريستو بولاية واشنطن، ليتجه جد الرئيس المنتخب بدوره إلى هناك ويفتتح فندقًا يوفر الإقامة والطعام للعاملين المنقبين عن الذهب، لحين انتهاء فترة التنقيب والتي أغلق بعدها الفندق بعد جمعه أموالًا طائلة.
انتشرت الأنباء مجددا عن وجود منجم ذهب في إقليم يوكون الجبلي بكندا، لينتقل جد ترامب هو الآخر بدوره إلى هناك ويفتتح مطعمًا يُسمي "الحصان الميت" كان طعامه من لحم الخيول.
استفاد فريديريك، حينها في مطعمه من الأحصنة التي كانت تنفق في ممر المنجم بسبب الإجهاد الزائد، والتي استغلها كطعام مجاني إلى العاملين إلى جانب اللحوم المجمدة.
عام 1898، اعتمد جد الرئيس الجمهوري على الدعارة مرة أخرى في كسب رزقه، حين تعاون مع صديق له لافتتاح فندقًا أكثر فخامة اعتمد بشكل أساسي على توفير غرف خاصة للنساء في بلدة بينيت، التي كان يتوافر بها منجما للذهب.
ثم ذاع صيت الفندق بعد ذلك، وأصبح يقدم خدمات الدعارة والقمار بشكل أساسي، إلى حين تم فرض قيود على تلك التجارة حينها فاضطر لبيع حصته بعد جنيه أموال طائلة، يعود بها إلى موطنه الأصلي في ألمانيا ليبدأ حياته الأسرية هناك، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.
بعد استقرار شؤونه الأسرية، واجه الرجل الذي فر وعمره 16 عامًا مشاكل مع السلطات الألمانية بسبب الخدمة العسكرية الإلزامية، حيث أجبرته السلطات على مغادرة ألمانيا مرة أخرى.
عاد الجد إلى الولايات المتحدة مرة أخرى عام 1905، حيث عاد حينها للمهنة التي بدأ منها وافتتح محلًا للحلاقة، ثم اتجه منها للعمل في العقارات مستفيدًا من الأموال التي جناها طوال فترة عمله في الولايات المتحدة من خلال عمله السابق، ليصبح مديرًا لأحد الفنادق وتصبح ثروته عام 1918 وهو العام الذي توفي فيه قرابة 31 ألف دولار.
توفي فريديريك عام 1918، وعمره 49 عامًا بعد إصابته بوباء الإنفلونزا، تاركًا ابنين وبنتًا، بينهم فريد والد دونالد ترامب، ليرث أبنائه من بعده أعماله التجارية، بما في ذلك المطاعم والحانات، حيث قام ابنه، فريد ترامب الأب، بإدارة تلك الأنشطة التجارية التي تواصلت حتى الوقت الحالي.