في قرية صغيرة هادئة تدعى كفر أباظة بمحافظة الشرقية، كانت الحياة تنبض في كل تفاصيل يوميات الطالبة «نانسي.م»، البالغة من العمر 20 عامًا. تلك الفتاة التي أحبها الجميع في قريتها وجامعتها، اشتهرت بابتسامتها الدافئة وروحها الطيبة، وبإصرارها الذي أضاء طريقها لتصبح طالبة مجتهدة في السنة الثانية بكلية الطب البيطري بجامعة الزقازيق.
حلم لم يكتمل.. حادثة قلبت الموازين
نانسي لم تكن مجرد طالبة عادية، بل كانت مثالًا للتميز والطموح، تحملت أعباء الدراسة، وكانت تسعى لتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة بيطرية تساهم في تحسين حياة مجتمعها، لم يكن هذا الحلم مجرد أمنية عابرة؛ بل كان واقعًا تعمل على تحقيقه بكل جدية، يرافقها دعم أسرتها التي رأت فيها زهرة البيت وأمل المستقبل.
ولكن، في لحظة مؤلمة وغير متوقعة، تبددت الأحلام، كانت حالة الطقس في الشرقية يوم الحادثة مضطربًا، حيث شهدت المحافظة رياحًا عاتية أدت إلى سقوط نخلة كبيرة في ميدان الزراعة بمدينة الزقازيق. لسوء حظ نانسي، كانت تمر بجوار النخلة في تلك اللحظة، لتسقط عليها وتسبب لها إصابات خطيرة، منها اشتباه ما بعد الارتجاج وكسر في العمود الفقري.
تم نقل نانسي على الفور إلى مستشفى الزقازيق الجامعي، حيث بُذلت كل الجهود لإنقاذها. ورغم المحاولات الحثيثة من الأطباء، لفظت أنفاسها الأخيرة بعد أيام من المعاناة، تاركة خلفها ألمًا عميقًا وحزنًا غامرًا في قلوب كل من عرفها.
تلقت الأجهزة الأمنية بمحافظة الشرقية بلاغًا من مستشفى الزقازيق الجامعي يفيد بوصول الطالبة مصابة بإصابات خطيرة تشمل اشتباه ما بعد الارتجاج وكسر في العمود الفقري، إثر سقوط نخلة عليها بميدان الزراعة بمدينة الزقازيق. فور تلقي البلاغ، انتقلت فرق البحث الجنائي إلى مكان الواقعة لفحص ملابسات الحادث.
التحقيقات النيابة العامة
كما بدأت النيابة العامة تحقيقاتها على الفور، حيث استمعت لأقوال شهود العيان الذين أكدوا أن الرياح العاتية التي شهدتها المنطقة كانت السبب وراء سقوط النخلة. وطلبت النيابة تحريات المباحث حول الواقعة، وكلفت لجنة مختصة من الجهات المعنية بفحص حالة الأشجار والنخيل في المنطقة لتحديد مدى وجود إهمال في صيانتها أو إزالة الأشجار المتهالكة.
مع انتشار خبر وفاتها، خيّم الحزن على قرية كفر أباظة، التي ارتدت السواد في وداع الفتاة التي كانت رمزًا للطيبة والأخلاق. احتشد الأهالي، وافترشوا الطرقات المؤدية إلى منزلها انتظارًا لوصول الجثمان. كانت دموع الأمهات تختلط بتنهيدات الشيوخ، بينما وقف الشباب صامتين، عاجزين عن تصديق أن نانسي، الفتاة التي طالما ألهمتهم، رحلت بهذه الطريقة المفجعة.
أما زملاؤها في الجامعة، فقد تحدثوا عنها بحب وحنين، مؤكدين أنها كانت دائمًا أول من يبادر بالمساعدة، وتبث الأمل في نفوسهم خلال أوقات الدراسة الصعبة. قال أحد أصدقائها: «نانسي لم تكن مجرد زميلة، كانت أختًا وصديقة حقيقية. فراقها ليس فقط خسارة لنا، بل جرح في قلوبنا لن يندمل.»
في جنازة مهيبة، شيّع الأهالي جثمان نانسي إلى مثواها الأخير، وسط دعوات من الجميع بأن يتغمدها الله بواسع رحمته، ويلهم أهلها وزملاءها الصبر. كانت النهاية مؤلمة، ولكن ذكراها ستبقى خالدة في قلوب كل من عرفها.