في إحدى ضواحي مدينة في شمال غرب إنجلترا، اختبأ سر مرعب داخل منزل عادي بدا كغيره من المنازل، هناك، في زاوية غرفة نوم، عاشت طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها 3 سنوات حياة لا يمكن وصفها إلا بـ«الموت الحي». كانت الفتاة تُخبأ في درج، محرومة من الطعام، والرعاية، وأبسط مشاعر الحنان.
بداية الواقعة
الأم، التي كان يُفترض أن تكون ملاذ الطفلة الآمن، أخفت وجودها عن الجميع؛ عن شريكها الذي عاش في نفس المنزل، وعن أطفالها الآخرين، وحتى عن العالم الخارجي، كانت الطفلة تُطعم عن طريق حقنة تحتوي على حبوب الحليب فقط، وتُترك وحيدة لساعات طويلة في درج، دون أن ترى وجهًا غير وجه أمها.
وفي إحدى الليالي، وبينما كان شريك الأم عائدًا إلى المنزل، سمع صوتًا خافتًا قادمًا من إحدى الغرف، توجه ليستكشف الأمر، ليكتشف الكابوس: طفلة صغيرة ضعيفة، بشعر متشابك، ووجه خالٍ من الحياة تقريبًا، مستلقية داخل درج.
بعد هذا الاكتشاف، تدخلت الخدمات الاجتماعية على الفور، وأبلغت الشرطة. نُقلت الطفلة إلى المستشفى، حيث وجد الأطباء أنها تعاني من سوء تغذية حاد، وجفاف شديد، وتأخر نمو جسدي وعقلي جعل عمرها التطوري لا يتجاوز 10 أشهر.
ووصفت الاخصائية الاجتماعية التي تعاملت مع الحالة كيف أن الطفلة لم تكن تعرف حتى اسمها. قالت أمام المحكمة: «عندما واجهت الأم، لم تُظهر أي مشاعر، بدت وكأنها غير مبالية تمامًا بما حدث».
رحلة الطفلة نحو الحياة
القاضي، أثناء نطقه بالحكم، وصف ما تعرضت له الطفلة بأنه «كارثي»، مشيرًا إلى أنها عاشت حالة من العزلة التامة والإهمال الجسيم الذي دمر حياتها الصغيرة على كل المستويات. ومع ذلك، أشار القاضي إلى بصيص أمل: الطفلة الآن تعيش مع أسرة حاضنة، وبدأت تستعيد ببطء بعض الحيوية، وكأنها تعود للحياة بعد معاناة طويلة.
تم الحكم على الأم بالسجن، بعد اعترافها بجرائم قسوة معاملة الأطفال. حاول فريق الدفاع تسليط الضوء على تأثير مشكلات الصحة العقلية التي عانت منها الأم، والعلاقة المسيئة مع والد الطفلة، بالإضافة إلى تداعيات جائحة كورونا. لكن القاضي رفض اعتبار هذه العوامل تبريرًا لما حدث، مؤكدًا أن ما فعلته الأم «يتحدى كل تصور عن الإنسانية».
بينما تُحاول الطفلة بناء حياة جديدة في كنف عائلة حاضنة، يظل هذا الحادث صدمة لكل من سمع قصتها. إنه تذكير قاسٍ بأن القسوة قد تختبئ خلف الأبواب المغلقة، وأن الإهمال يمكن أن يدمر حياة بريئة قبل أن تبدأ حتى.