أكد الكاتب الصحفي علاء الغطريفي رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم»، أن الإعلام ابن مجتمعه، ولا يمكن أن يلقى عليه اللوم بمفرده في شأن قضايا حقوق الإنسان، مشددًا على أن الحريات الإعلامية شأن المجتمع كله وليس شأن الإعلاميين وحدهم، وتعزيز حقوق الإنسان يقتضي تداول المعلومات بحرية ونشرها على أوسع نطاق وأكثر توازنا.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «تعزيز استقلالية ودور المجلس القومي لحقوق الإنسان من خلال المعالجات الإعلامية المسؤولة»، في مؤتمر «الإعلام وحقوق الإنسان: مقاربات حول دور الإعلام في رفع الوعي وحمايتها ورصد تنفيذها»، الذي نظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان، بحضور رؤساء المجالس والهيئة الوطنية للإعلام ونقابة الصحفيين والإعلاميين، ونخبة من الخبراء الإعلاميين، وصناع القرار، وممثلي منظمات المجتمع المدني، إلى جانب مجموعة من الأكاديميين المتخصصين في حقوق الإنسان والإعلام.
وقال «الغطريفي»، إن الإعلام دائمًا ما يتعرض لضغوط لإنجاز حق الناس في المعرفة، فضلًا عن إشكالية استقلال جهات التنظيم، وهو ما تؤكده اليونسكو في جميع تقاريرها عن الإعلام والضغوط المتزايدة التي يتعرض لها.
وتطرق «الغطريفي»، إلى البيئة الإعلامية السائدة، من حيث أشكالها وملامحها وأنماط الملكية السائدة فيها، فضلًا عن التدابير القانونية والتشريعية الحاكمة لممارساتها، منوهًا إلى أن «هناك حديث عالمي بشأن معاناة الصحافة المستقلة وكذلك تقويض حرية الصحافة ليس في مجتمعنا فحسب بل في العالم».
ولفت إلى أن كل ما سبق أفضى إلى أن القضايا الشائكة «صارت ملكا للفضاء الافتراضي وأصبحت محظورة على الإعلام»، مستطردا أن التغيير في نماذج الأعمال للمؤسسات الإعلامية، يمثل ذلك تحديا كبيرا للعمل الإعلامي في ظل الضغوط الاقتصادية والتطور الهائل في وسائط النشر والبث وكذلك منصات التوزيع بسبب الثورة الصناعية الخامسة المتمثلة في التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي.
وتناول «الغطريفي» ما وصفه بمعاناة إعلام الخدمة العامة، متسائلا: «ما الذي يجب أن يكون كي نعزز ثقافة حقوق الإنسان عبر الإعلام؟»، مؤكدا أن الإعلام صوت للناس وليس للسلطة، وأنه ينبغي أن تستجيب وسائل الإعلام لاهتمامات الناس، مهيئة بذلك مشاركة الجمهور في تشكيل الإعلام.
وقدم رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم» عددًا من التوصيات لإصلاح المنظومة الإعلامية وعلى رأسها سرعة إصدار قانون حقيقي لتداول المعلومات يتضمن التزامات وإجراءات يحميها المجتمع، وإعادة تشكيل البيئة الإعلامية وأنماط الملكية بما يعزز التنوع دون أحادية أو تلقين ودعم الصحافة المستقلة، وكذلك دعم الحريات الإعلامية ودفاع المجتمع عن استقلالية هيئات التنظيم.
وشدد على أهمية التزام الإعلام بالمعايير المهنية والأخلاقية كي يصل إلى تغطيات مهنية يستدعي فيها كل الأطراف وتعكس جميع زوايا أي قضية أو قصة، مع وجود رواية وطنية متماسكة عن حقوق الإنسان، وهذه ليست مسوؤلية المجلس القومي لحقوق الإنسان بل مسؤولية المؤسسات الرسمية والمجتمع بأكمله وكما يقولون رواية في مواجهة روايات أخرى سواء في الواقع المادي أو الواقع الافتراضي.
ولفت «الغطريفي» إلى أهمية إدراك قضية المشروطية الدولية حول حقوق الإنسان التي تربط المنح والقروض والتصنيفات الاقتصادية بملف حقوق الإنسان، ومن ثم من حق الإعلام أن يستدعي أطراف أي قصة كي يستبين الحقيقة، قائلا: «الحرية مرتبطة بالمسؤولية وهو ما ينبغي أن نركز عليه ونصيغه، أي أن نتوازن بين القيمتين الإنسانيتين، فلا يتجاوز الإعلام ولا تختصر هيئات التنظيم مفاهيم التنظيم في التقييد والملاحقة».
واختتم بأن الإعلام لا يكن حيا وفي عافية إلا في أجواء من الإرادة المطلقة والحرية الميسرة كي يخدم حقوق الإنسان.