مصراوي

2025-01-12 19:45

متابعة
ود مدني.. ما دلالات انتصارات الجيش السوداني وكيف تؤثر على المشهد؟

كتبت- سلمى سمير وسهر عبد الرحيم:

بعد انتصارات متتالية أعلنتها القوات المسلحة السودانية، في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، الواقعة وسط السودان، وتعهد قوات الدعم السريع بإعادة السيطرة على المدينة بالقول إن الدعم السريع خسر "جولة وليس معركة"، بحسب تعليق محمد حمدان دقلو، إبان إعلان الجيش السوداني السيطرة على المدينة، يتركز الضوء على أهمية التحركات العسكرية الأخيرة، وتأثيراتها على مجرى المعركة.

تعد ود مدني، هي أقرب مدينة رئيسية إلى الخرطوم، والتي أعلن الجيش السوداني سعيه لتطهيرها من عناصر الدعم السريع الذين وصفهم بـ "المتمردين".

ما دلالات التحركات العسكرية الأخيرة للجيش السوداني؟

يقول الباحث السياسي المختص في الشأن السوداني، أحمد إمبابي، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، إن استعادة الجيش السوداني والقوات المسلحة السودانية لمدينة ود مدني، من أبرز الانتصارات التي حققها الجيش خلال الأشهر الأخيرة، مشيرًا إلى أهمية هذه المدينة التي تُعد ثاني أكبر مدينة في السودان بعد العاصمة الخرطوم.

وأضاف إمبابي، أن الانتصارات الحالية للجيش السوداني، تأتي بعد سلسلة من النجاحات التي حققها الجيش في الأسابيع الأخيرة، حيث استعاد خلالها بعض المدن في شرق السودان والجنوب الشرقي على طول خط النيل الأزرق، ما يعني استعادة مناطق كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

وتابع الباحث في الشأن السوداني، أن ولاية الجزيرة تُعد من أكثر المناطق إنتاجًا في السودان على الأصعدة الزراعية والصناعية، لذا فإن استعادة هذه المدينة ستكون لها أهمية كبيرة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، إضافة إلى تشكيلها حافزًا كبيرًا أمام الملايين من النازحين جراء الحرب، سواء داخل السودان أو في دول الجوار، للعودة مرة أخرى إلى ديارهم.

على ذات الجانب، يرى، الدكتور عطاف المختص في الشأن السوداني، أن سيطرة الجيش السوداني، على ود مدني، يعني استعادة قوته الضاربة، مشيرًا إلى أن التغير المركزي الحاسم في هذه المرحلة هو دخول عشرات الدفعات العسكرية من الكليات الحربية والقوات النظامية الأخرى، إضافة إلى عشرات الآلاف من المتطوعين الذين انضموا إلى صفوف المقاومة الشعبية.

وأضاف دكتور عطاف، أن جميع هذه العوامل شكلت فرقًا كبيرًا بنسبة تصل إلى 80%، خاصة مع تحديث التسليح والتأهيل الذي حصل عليه الجيش السوداني.

من جانبه يرى، الدكتور، رمضان قرني الخبير في الشؤون الإفريقية، في تصريحات خاصة لـ "مصراوي"، أن انتصارات الجيش السوداني الأخيرة، ستؤدي إلى دعم موقف الجيش السوداني التفاوضي مع الدعم السريع، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي تزامنًا مع انخراط أنقرة في مبادرة حل الأزمة السودانية، إضافة للعقوبات الأمريكية الأخيرة على الدعم السريع.

وتوقع قرني، أن تساهم تلك التطورات، بجانب المخرجات السياسية لجولة رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق عبدالفتاح البرهان، في دول غرب أفريقيا، والتي تشمل السنغال وغينيا بيساو وسيراليون ومالي، في دعم جهود السودان للعودة إلى الاتحاد الأفريقي الفترة المقبلة، ودعمه سياسيا حال عودة مفاوضات منبر جدة.

وأوضح قرني، أنه في ظل تفاقم الأبعاد الإنسانية والتطورات الاقتصادية الضخمة، فضلاً عن دخول قوة إقليمية مهمة في مفاوضات بين الأطراف السودانية، ونجاحات الجيش السوداني الأخيرة، خاصة في بعض المدن الاستراتيجية مثل مدني والسنار وبعض مناطق الخرطوم، يمكن القول إنه قد يكون هناك احتمال لدخول طرفي الصراع في مفاوضات.

وتابع قرني، أن تلك المفاوضات ستكون بمعادلات مختلفة، خاصة وأن الجيش السوداني يسعى لدخول المفاوضات بعد تحقيق العديد من الإنجازات على أرض الواقع، وهو ما قد يجبر قوات الدعم السريع على القبول بالمفاوضات أو بمخرجات منبر جدة كأحد الحلول للأزمة السودانية.

كيف ستغير معركة "ود مدني" المشهد؟

أعلنت القوات المسلحة السودانية، اليوم الأحد، سيطرتها على مجمع رواد السكني في العاصمة الخرطوم، وإيقاع خسائر بشرية كبيرة في طرف ميليشيا الدعم السريع خلال المعركة، وفي هذا الشأن، يقول إمبابي، إن هذا التطور يمثل دفعة معنوية كبيرة للقوات المسلحة السودانية لمواصلة تقدمها نحو استعادة العاصمة الخرطوم.

وتابع إمبابي، أن التقدم الأخير أيضًا سيسهم في رفع معنويات النازحين سواء داخل السودان أو خارجه، مشيرًا إلى الاحتفالات التي تمت في مصر وبعض الدول الأخرى لدى السودانيين بعد هذا الانتصار.

وفيما يخص التأثير على مسار المعركة مستقبلاً مع قوات الدعم السريع، قال إمبابي إن سيطرة الجيش السوداني على ود مدني سيكون لها دلالة رمزية كبيرة في مسار الحسم العسكري، لافتًا إلى أن نجاح الجيش في فرض سيطرته الكاملة على الخرطوم، سيكون انتصارا كبيرا بعد قرابة عامين من الحرب، ما يعطي الجيش السوداني دفعًا قويًا في مسار الحسم العسكري لهذه الحرب.

من ناحية أخرى، يشير هذا الانتصار، بحسب أحمد إمبابي، إلى تصدع في صفوف قوات الدعم السريع، التي واجهت مؤخرًا عقوبات من الإدارة الأمريكية، خاصة ضد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ "حميدتي".

وأوضح إمبابي، أنه يوجد حالة من الضعف التي تشهدها قوات الدعم السريع، متوقعًا مزيدا من النجاحات في صالح الجيش السوداني، خاصة وأن هذه الانتصارات تحمل رمزية كبيرة للشعب السوداني، وسيكون لها تأثير معنوي على مقاتلي الجيش السوداني.

أما فيما يتعلق بالسيطرة على المنشآت الحيوية مثل مجمع الرواد السكني ومرافق النفط في منطقة الجيلي، فإن هذه السيطرة تمثل خطوة إضافية نحو تعزيز سيطرة الجيش السوداني على الأراضي السودانية، وذلك بحسب إمبابي الذي أشار إلى أن أهمية هذه المنشآت تكمن في كونها أساسية في الاقتصاد السوداني، سواء على صعيد النفط أو الصناعات الأخرى.

بينما يرى الدكتور عطاف، أن هذا التقدم يُعد تحولًا كبيرًا في ساحة المعركة، باعتبار أن تلك المناطق كانت الدعم السريع تتخذها كمواقع استراتيجية، وتتركز فيها القناصة الذين كانوا يراقبون العديد من الأحياء في المنطقة.

وأشار عطاف، إلى أهمية ود مدني، قائلًا إنها تعتبر قلب السودان الإداري وعاصمة ولاية الجزيرة وأحد أكبر المشاريع الزراعية في أفريقيا والشرق الأوسط، وتمثل نقطة استراتيجية هامة في هذه الحرب.

وواجه الجيش السوداني خلال الأشهر الماضية تحديات كبيرة بسبب القتال في مناطق مأهولة بالمدنيين، وهو ما أخر الحسم العسكري، بحسب إمبابي، نظرًا لحرص الجيش على حماية المدنيين والمنشآت الحيوية في السودان، وخاصة تلك التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وهو ما أكده الجيش السوداني في بيانه اليوم، حيث قال إن الجيش التزم بقواعد الاشتباك في المناطق التي تأوي مدنيين وطبقًا لقواعد القانون الدولي.

متى تنتهي الحرب؟

وفيما يخص موعد انتهاء الحرب في السودان، قال قرني، إنه يصعب الجزم بموعد انتهاء الحرب في السودان، وذلك لعدة اعتبارات أولها، أن قوات الدعم السريع ما زالت تسيطر على مدن رئيسية واستراتيجية في السودان، خاصة في منطقة الغرب، مثل محاصرتها لمدينة الفاشر، التي تعد من المدن ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة.

أما الاعتبار الثاني هو تمسك طرفي الحرب، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بفكرة المعادلة الصفرية، التي تقوم على محاولة كل طرف كسب جولات الصراع وتحقيق النصر لصالحه، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي مؤشرات لتنازلات من أي طرف أو العودة إلى طاولة المفاوضات.

للإطلاع على النص الأصلي
22
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات