المصري اليوم

2025-01-17 20:00

متابعة
«سكين في رقبتها ودموع بجانبها».. حارس عقار ينهي حياة زوجته «الصائمة» في عين شمس (قصة كاملة)

في إحدى الحارات بمنطقة عين شمس في القاهرة التي تبدو كأنها متوقفة في الزمن، تتجاور الشقق الضيقة في صمت، وتعيش الأسر تحت وطأة الحياة اليومية المرهقة داخل إحدى تلك الشقق. وعلى سرير خشبي متهالك، لقيت «رباب»، شابة في الخامسة والعشرين من عمرها، مصرعها بطريقة بشعة على يد زوجها «عمرو»، شاب في أواخر العشرينيات يعمل حارس عقار.

«عمرو قتل رباب!»

كان صباحًا عاديًا، لا يختلف كثيرًا عن غيره. «رباب»، التي كانت دائمًا متواضعة في مطالبها، صائمة في هذا اليوم. جلست في مطبخها الصغير لتحضير الإفطار، ولكن الشجار المعتاد حول المال أشعل شرارة النهاية. دخل عمرو في حالة من الغضب العارم، استل سكينًا من المطبخ، ثم عاد ليطعن زوجته طعنة واحدة قاتلة في رقبتها بينما كانت مستلقية على السرير بعد تناولها الإفطار.

السكين، التي لم يظهر منه سوى المقبض في رقبة المجنى عليها، كانت الشاهد الصامت على الجريمة. أما عمرو، فبعد أن أدرك ما فعلته يداه، جلس بجوار جثمان زوجته، يندب نفسه وينهار باكيًا: «بحبها… موتني! عايز أدفن معاها».

كانت الصرخة التي أطلقتها والدته، أم عمرو، هي التي كسرت حاجز الصمت في الحارة. خرجت السيدة إلى الشارع تحمل حفيدها الرضيع «سيف»- ابن المتهم والضحية- بين ذراعيها، وهي تصرخ بجنون: «عمرو قتل رباب!».

«هما جم من المنيا من حوالي 3 سنين، وكانوا عايشين على قد حالهم».. تحدث عم حسن، جار الأسرة الذي يعرفهم عن قرب، قائلًا: «عمرو شغال حارس عقار هنا في المنطقة، ولما الشغل بيقل كان يطلع يشيل طوب في مواقع البناء، ورغم الفقر، كان بيبان عليهم إنهم متماسكين. الشقة اللي عايشين فيها بسيطة جدًا، أوضة صغيرة وصالة، ومعاهم أم عمرو اللي عايشة معاهم عشان تساعدهم في تربية الطفل».

«الغضب سيصل إلى هذه النهاية المأساوي»

قبل أيام قليلة من وقوع الجريمة، شهدت الحارة مشهدًا آخر أثار القلق بين الجيران. يقول «عم حسن»، «من كام يوم، كان في شجار كبير بين عمرو وأمه، سمعنا صوته عالي وكان بيزعق فيها بسبب مصاريف البيت، وفي لحظة فقد أعصابه وصوّب عليها بشومة كانت في إيده، الناس التمّوا بسرعة، وفصلوا بينهم. وقتها قلتله: (يا ابني، إيه اللي بتعمله؟ العصبية دي هتضيعك، لكنه ما ردش، وكان باين عليه إنه مش قادر يتحكم في نفسه)».

رغم أن أم عمرو حاولت التخفيف من الحادثة، قائلة للجيران: «ابني مش قاصد، هو بس مضغوط ومش لاقي شغل يكفيهم»، إلا أن بعض الأهالي شعروا بالخوف من أن يتفاقم الأمر. تضيف جارة قريبة من العائلة: «عمرو كان طيب، بس عصبي جدًا، كنا بنقول لنفسنا إن الضغوط هي السبب، بس ما حدش كان يتخيل إن عصبيته دي ممكن توصل لقتل مراته».

هذا الحادث، الذي مرّ وكأنه شيء عابر، كان بمثابة إنذار مبكر لما يمكن أن يحدث، لكن أحدًا لم يتوقع أن الغضب سيصل إلى هذه النهاية المأساوية.

«قاعد جنبها وبيبكي»

رباب، التي كانت تُعرف بين الجيران بهدوئها ورقتها، لم تكن كثيرة الطلبات. تقول جارتها «أم أحمد»: «كانت بتجيلي ساعات تحكيلي عن مشاكلها مع عمرو. كان عصبي، وأحيانًا بيرفع صوته عليها، بس كانت تقول دايمًا: هو طيب من جواه. بيتعصب، بس قلبه أبيض».

في يوم الحادثة، كان كل شيء يبدو طبيعيًا. جلس الزوجان معًا في الغرفة الصغيرة. رباب طلبت من عمرو بعض المال لمصاريف البيت، خاصة مع اقتراب موعد الإفطار. لكن الحديث تحول سريعاً إلى شجار، وارتفعت الأصوات. يقول أحد الجيران: «سمعنا صوتهم عالي، بس إحنا متعودين على كده، عمرها ما كانت مشاكلهم بتوصل لحد الضرب».

لكن في هذه المرة، خرجت الأمور عن السيطرة. فقد عمرو أعصابه تماماً، وتوجه إلى المطبخ، حيث أمسك بالسكين وعاد إلى الغرفة. لم تمهله لحظة الغضب أي فرصة للتفكير، فطعن زوجته في رقبتها طعنة واحدة قاتلة.. يقول عم حسن، الذي كان أول من دخل الشقة بعد صراخ أم عمرو: «لقيتها نايمة على السرير، والسكينة في رقبتها، عمرو كان قاعد جنبها وبيبكي، مشهد عمره ما هيروح من بالي».

جلس عمرو بجوار جثة زوجته، ودموعه لا تتوقف. «بحبها!» كان يردد هذه الكلمة وكأنها محاولة يائسة لتبرير ما لا يمكن تبريره. «مش عارف إزاي ده حصل. كانت لحظة شيطان».

«رباب كانت ملاك وسطنا»

أما أم عمرو، فقد خرجت تحمل حفيدها الصغير، غير قادرة على استيعاب ما حدث. حفيدها «سيف»، الطفل الذي بالكاد أتم عامه الأول، فقد أمه في لحظة واحدة، ووالده الذي سُجن فور وصول الشرطة. تقول أم عمرو وهي تبكي:«كنت فاكراهم هيعيشوا مع بعض ويسندوا بعض. دلوقتي حفيدي ضاع، أمه راحت، وأبوه في السجن. إزاي هيكبر كده؟».

هناك كانت تعيش الضحية في شقة متواضعة- تصوير: محمد القماشباب الشقة محل الجريمة- تصوير: محمد القماشباب الشقة محل الجريمة- تصوير: محمد القماش

في الحارة الصغيرة، لم يكن أحد قادرًا على تصديق ما حدث.. يقول «أبومصطفى»، أحد سكان المنطقة: «رباب كانت ست كويسة، والكل كان بيحبها، ما حدش فينا يقدر يصدق إن عمرو يعمل كده، صحيح كان عصبي، بس كان واضح عليه إنه بيحبها». أما أحد أقارب رباب، فقد تحدث عن حياتها قائلاً: «كانت بتعيش على القليل، وما كانتش بتطلب حاجة غير الضروري، اللي حصل ده كسرنا كلنا، هي كانت ملاك في وسطنا».

مأساة الرضيع «سيف»

بعد حضور الشرطة، تم القبض على عمرو ونقله إلى قسم الشرطة لاستجوابه. أُحيل جثمان رباب إلى المشرحة لتحديد سبب الوفاة بدقة، وأمرت النيابة العامة بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيق، كما صرحت بدفن الجثمان بعد انتهاء التشريح.

بينما تحاول العائلة استيعاب ما حدث، يبقى «سيف»، الطفل الصغير، هو الضحية الثالثة لهذه المأساة.. تقول إحدى الجارات: «الولد ده مالهش ذنب في اللي حصل، دلوقتي هيكبر من غير أم تحضنه ولا أب يربيه، مصيره مجهول، وربنا وحده اللي يعلم إزاي هيعيش».

جارة المجني عليها في حالة ذهولعم "حسن" شاهد العيان على جريمة عين شمس- تصوير: محمد القماش
للإطلاع على النص الأصلي
42
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات