شهد المسرح الكبير بالمتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط انطلاق فعاليات الموسم الثالث من مبادرة «طبلية مصر» لإحياء الأكلات الشعبية المصرية، تحت عنوان «إحياء الماضى توثيق الحاضر من أجل المستقبل»، وذلك بالتعاون مع مجموعة صادكو، وتهدف المبادرة إلى محاولة إرساء فكرة الاستدامة ومحاربة الهدر من المطبخ المصرى ومواجهة التغير المناخى من خلال مواسم زراعات مصر المختلفة، ومن أهم أهداف المبادرة التركيز فى فكرة ازرع طعامك كإحدى أهم الدعائم الصحية والاقتصادية والاجتماعية للمطبخ المصرى.
ويرجع سبب تسمية المبادرة «طبلية مصر» باعتبار أن الطبلية فى التراث المصرى هى منضدة دائرية الشكل، ولأن مفهوم الدائرة يعنى الأبدية، فهذا يعنى أنه بمجرد الجلوس حول الطبلية ملتفين يفيد بأن المصريين بجميع طوائفهم مرتبطون معًا، وحضر الفعالية الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف المصرى الكبير، والدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وأنجلينا إيخهورست، سفيرة الاتحاد الأوروبى بالقاهرة، ولفيف من الشخصيات العامة وأساتذة الجامعات والباحثين والأثريين وعشاق التراث المصرى.
وأعرب الدكتور الطيب عباس عن سعادته باستضافة المتحف هذه المبادرة والتى حققت نجاحًا وإقبالًا جماهيريًا كبيرًا خلال مواسمها السابقة خلال عام ٢٠٢٣، لتسلط الضوء على التراث الشعبى للمأكولات المصرية، كأحد أنواع التراث غير المادى لحمايته من الاندثار، إلى جانب الترويج السياحى للأكلات المصرية، وتوعية المجتمع والجيل الناشئ على كيفية اختيار نظامهم الغذائى بشكل صحى، وكيفية إيجاد بدائل صحية من المأكولات التراثية، وذلك عبر مجموعة من الفعاليات والورش الفنية.
وأكد الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف القومى للحضارة المصرية حرص المتحف على احتضان هذه المبادرات التى تلقى الضوء على التراث والحضارة المصرية، والتى تلعب دورًا هامًا فى رفع الوعى الثقافى والأثرى لدى جميع أبناء المجتمع بمختلف فئاته العمرية والمجتمعية، وتفعيلًا لدور المتحف فى حماية الموروث الحضارى والثقافى لمصر، وتقدم بالشكر لجميع الجهات الداعمة لهذه المبادرة والمشاركين فيها والقائمين عليها لما يبذلونه من جهد لإنجاحها والعمل على توثيق الأكلات التراثية المصرية.
من جانبها، أشارت الدكتورة منة الله الدُرى، مدرس النباتات الأثرية بكلية الآثار جامعة عين شمس، إلى أن الحضارة المصرية تمتلك تراثًا غذائيًا غنيًا ومتنوعًا، وأن المصرى القديم كان يهتم بالمائدة وتنوع أطعمتها الصحية والتى لا تزال موجودة حتى الآن على المائدة المصرية، موضحة أن فعاليات الموسم الثالث تتضمن العديد من الأنشطة والورش التفاعلية التى تبرز هذا التراث، من بينها عرض فيلم وثائقى عن أنشطة المبادرة فى المواسم السابقة، وتنظيم حلقة نقاشية حول «الطعام فى السينما المصرية»، أدارها المخرج محمود رشاد، لتسليط الضوء على الأكلات التى تناولتها السينما المصرية. كما أُقيم معرض فنى بعنوان «السفرة فى السينما المصرية» لمجموعة من اللوحات الفنية ومشاهد من أفلام مصرية توثق الأطعمة والأدوات المستخدمة فى إعداد المائدة المصرية، وتتضمن الفعاليات أيضًا مجموعة من الأنشطة الثقافية والتوعوية منها ندوات عن سياحة الطعام وأشهر الأكلات فى المحافظات المصرية، وورش عمل لتوثيق الأكلات الشعبية، وورش حكى بالمشاركة مع مؤسسة نوايا لمبادرة التراث الريفى لتقديم وصفات أكلات تقليدية من سيدات البدرشين، وورش خارجية مع مطبخ الدوار المجتمعى لتعليم سيدات عزبة خيرالله طرق تجفيف الفواكه والخضروات. وتحت عنوان «ازرع طعامك» تم تنظيم ورش عمل للأطفال، وذوى الهمم للتعرف على كيفية إعداد المأكولات التراثية والقصص المرتبطة بها، وتسليط الضوء على الصحة والحفاظ على البيئة من خلال تعلم كيفية زراعة الأسطح الخضراء.
وخلال الفعالية تم تكريم عدد من الشخصيات التى ساهمت فى إنجاح هذه المبادرة خلال المواسم السابقة وعملوا على توثيق الأكلات التراثية المصرية، وعلى رأسهم الدكتور أحمد غنيم، والدكتور ميسرة عبدالله، الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، اللذان أعربا عن سعادتهما بهذا التكريم من المكان الذى عملا فيه وارتبطا به، مؤكدين على أن المتحف القومى للحضارة المصرية هو صرح ثقافى ملهم بما يقدمه من أنشطة وفعاليات متنوعة.
وفى ختام فعاليات اليوم، أتيحت الفرصة للحضور وزوار المتحف بتذوق مجموعة من الأطعمة التراثية المصرية، وسط أجواء تراثية أثارت إعجاب وتفاعل الزائرين معها، حيث تأتى مبادرة «طبلية مصر» لتؤكد دور المتحف كجسر بين الماضى والحاضر، حيث تسهم فى حماية الموروث الثقافى وتعزيز الوعى بأهميته للأجيال القادمة.
كما أعربت داليا فخر، مسؤولة التسويق الواعى وتطوير المشاريع الثقافية بمؤسسة صادكو، عن اعتزازها بالتعاون مع المتحف، مؤكدة أهمية دعم الأنشطة المجتمعية التى تعزز الهوية المصرية واستدامة التراث الغذائى.
