«البحث عن النتائج السهلة والسريعة» أصبح سمة العصر الحالى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالرشاقة والتخلص من السمنة، ووفقًا لتصريحات وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار، فإن ٤٠٪ من المصريين يعانون من السمنة المفرطة، فيما تصل النسبة إلى ١٢٪ بين الأطفال، ولهذا يلجأ العديد من الأشخاص للتخلص من السمنة المفرطة بالحلول السريعة، دون النظر إلى حل ممارسة الرياضة وتغيير نمط الحياة، ومن هنا يبرز الحديث عن «حُقن التخسيس».
خلال الفترة الماضية انتشرت على منصات التواصل الاجتماعى «سوق سوداء» لتداول أشهر حقن التخسيس الفترة الماضية خاصة فى أوساط السيدات، والمعروفة بحقن «المونجارو» باعتبارها حلًا سريعًا للتخسيس، وتباع تلك الحقن المستوردة أيضًا داخل عيادات أطباء تغذية وتخسيس، خاصة أنها غير موجودة فى مصر، ويصل سعر العبوة إلى ٢٠ ألف جنيه تكفى لمدة شهر واحد وتحتوى العبوة على ٤ وحدات.
ونتيجة الإقبال الكبير فى أوساط الفتيات والسيدات على هذه الحقن، حذر أطباء من تناول تلك الحقن من مصادر غير موثوقة، ودون إشراف طبى مباشر نظرًا لخطورة الأعراض الجانبية المتوقعة.
محليًا أعلنت إحدى الشركات الوطنية، رسميًا، عن طرح عقار «مونجارو – Mounjaro»، الذى يساعد فى إنقاص الوزن لمرضى السمنة، فى سوق الدواء المصرية، وقالت الشركة المصرية إن العقار الحاصل على موافقة هيئة الدواء الأمريكية، والمصنع من قبل شركة ليلى الأمريكية، تم توفيره فى مصر، من خلال أحد مصانع الشركة الأمريكية فى ألمانيا، حيث وفرت العقار بتركيزات ٢.٥ و٥ ملى جرام. وأوضحت الشركة المصرية أنه تم طرح التركيزين بأسعار ١٤ ألف جنيه للجرعة الشهرية، وبالتالى سيتم طرحه بشكل رسمى ومن مصدر موثوق فى السوق المصرية، للحد من الأدوية المهربة والمقلدة مما يحافظ على حياة المرضى ويضمن سلامتهم.
ورغم أرقام المبيعات القياسية التى حققتها الشركات المنتجة لحقن التخسيس عالميًا، فإن هذه الأدوية تسببت فى صدمة كبيرة للبعض وتخوفات نتيجة حالات المشاهير الذين أصيبوا بـ«شلل المعدة» بل كشفت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية أن حقن إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك» «ويجوفى» تسببت بوفاة ١٦٢ شخصًا فى الولايات المتحدة على مدار السنوات الست الماضية، كذلك ٢٠ حالة وفاة فى بريطانيا.
وبحسب الصحيفة فإن إساءة استخدام هذه الحقن بدون وصفة طبية أو عبر الإنترنت لمجرد إنقاص الوزن تعرض ذويها للخطر، وقد يكون هذا الخطر قاتلًا.
يقول الدكتور هشام الخياط، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمى، إننا فى مصر نعانى من ارتفاع كبير فى نسبة السمنة، حيث تصل النسبة إلى أكثر من ٥٠٪ من النساء يعانين من السمنة، وليس مجرد زيادة فى الوزن، حيث يمكننا قياس السمنة باستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو عبارة عن الوزن مقسومًا على مربع الطول بالمتر عندما يكون المؤشر أكثر من ٣٠، يتم تصنيف الشخص على أنه يعانى من السمنة.
وأضاف الخياط، لـ«المصرى اليوم»، أن حوالى ٤٠٪ من الرجال المصريين يعانون أيضًا من السمنة، كما أنه من المتوقع أن يزداد هذا المعدل نتيجة العادات الغذائية غير الصحية، وانشغال الناس فى العمل لساعات طويلة دون ممارسة أى نوع من التمارين الرياضية، ومع انتشار الأطعمة السريعة، يزداد خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكرى، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الدهون، وأمراض الكبد الدهنى.
وأشار أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمى إلى أن الحل يكمن فى تغيير نمط الحياة؛ وللتغلب على هذه المشكلة يجب تبنى نمط حياة صحى يتضمن: «تقليل الوزن، ممارسة الرياضة بانتظام، تقليل استهلاك الأطعمة الغنية بالسكريات والنشويات والدهون»، مشيرًا إلى أنه مع ذلك تشير الدراسات السريرية إلى أن نسبة صغيرة جدًا من الناس (٨٪- ١٠٪) ينجحون فى تغيير نمط حياتهم. وبالتالى يبقى الاعتماد على الأدوية أو التدخلات الطبية مثل بالونات المعدة أو العمليات الجراحية خيارًا للبعض.
وأوضح الدكتور هشام الخياط أن وسائل التخسيس السريعة مثل «أوزمبيك، مونجارو، وساكسندا»، تُستخدم لتقليل الشهية وإبطاء تفريغ المعدة، والمشكلة تكمن فى استخدام هذه الأدوية بدون إشراف طبى وبجرعات غير مناسبة، ما قد يؤدى إلى مضاعفات خطيرة، مثل شلل المعدة، كما أن هناك أيضًا منتجات غير مرخصة، مثل حقن DC Block، يتم تداولها بشكل غير قانونى، وتسبب مشكلات صحية خطيرة.
حقن التخسيسأما بالنسبة إلى بالونات المعدة، فيشير إلى أنها تساعد فى إنقاص الوزن بمقدار ١٥ كيلوجرامًا على مدار ٦ أشهر، لكن تحتاج إلى تغيير نمط الحياة المصاحب؛ وإلا يعود الوزن إلى ما كان عليه بعد إزالة البالون. بينما العمليات الجراحية مثل «تكميم المعدة» يتم إزالة جزء كبير من المعدة (حوالى ٧٥٪)، مما يؤدى إلى تقليل الشهية، أما عن مضاعفاتها فتشمل الارتجاع، التسريب، ومشاكل أخرى، وهى مناسبة فقط لحالات السمنة المفرطة التى تؤدى إلى مشكلات صحية خطيرة.
والنوع الآخر من العمليات الجراحية «تحويل المسار» يهدف إلى تقليل الامتصاص عبر تحويل مسار الأمعاء، فعند سوء امتصاص بعض الفيتامينات والمعادن يتم اللجوء إلى تلك العمليات فى الحالات الصحية الحرجة مثل السرطانات أو السمنة المفرطة.
ويأسف «الخياط» على الدعاية الطبية وعمليات السمنة، قائلًا: «للأسف، أصبحت بعض مراكز التجميل والجراحة تقدم عمليات التكميم وتحويل المسار كحلول تجارية أكثر منها طبية، مع تجاهل المعايير الأخلاقية، والترويج لهذه العمليات يجب أن يقتصر على تقديم التوعية الطبية، وليس الدعاية التجارية».
وختم حديثه مشددًا على أنه «يجب أن يتم اتخاذ القرار بشأن إجراء العمليات الجراحية بناءً على دراسة دقيقة للحالة الصحية لكل مريض، مع وضع الإيجابيات والسلبيات فى الاعتبار».
وهذا ما اتفق عليه الدكتور محمد حلمى، استشارى التغذية العلاجية رئيس الجمعية المصرية الدولية للتغذية والسمنة، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، حيث أكد فى بداية حديثه: «نحن بحاجة إلى معرفة الاستخدامات الأصلية للأدوية المذكورة مثل المونجارو والأوزمبيك التى اشتهرت مؤخرًا كونها حقنًا للتخسيس، هذه الأدوية لم تكن مخصصة لهذا الغرض، هى فى الأصل طُورت لعلاج مرضى السكرى من النوع الثانى، وكانت وظيفتها الأساسية تنظيم مستوى السكر فى الدم كجزء من العلاجات المعتمدة عالميًا لمرضى السكرى».
وأضاف أنه: «ولكن مع مرور الوقت، تم اكتشاف أنه من الآثار الجانبية لهذه الأدوية تقليل الشهية والمساعدة على فقدان الوزن فى بعض الحالات، وليس كلها. بناءً على ذلك، أُجريت العديد من الدراسات لاختبار تأثير هذه الأدوية على فقدان الوزن، وتم اعتمادها فى بعض الدول كعلاج لإنقاص الوزن، وأصبح يُنظر إليها كبديل لممارسة الرياضة أو اتباع نظام غذائى صارم، نظرًا لقدرتها القوية على تقليل الشهية».
وأشار إلى أن «هذه الأدوية تُعتبر حلًا فعالًا للأشخاص الذين يعانون من صعوبة فى التحكم بشهيتهم، أو لأولئك الذين حاولوا اتباع أنظمة غذائية دون جدوى. وذلك لأن هذه الحقن تحتوى على هرمون يُسمى GLP-١، وهو هرمون مسؤول عن الشعور بالشبع فى جسم الإنسان، هذا الهرمون يمنح الإنسان شعورًا مستمرًا بالشبع والامتلاء، مما يجعله غير قادر على تناول كميات كبيرة من الطعام. ونتيجة لذلك يؤدى هذا إلى فقدان الوزن بشكل تدريجى».
وتابع: «أما بالنسبة للآثار الجانبية، فهناك عدة آثار قد تظهر نتيجة استخدام هذه الأدوية ومن أبرزها كسل المعدة أو بطء حركتها. السبب فى ذلك هو أن الأدوية تُعطى إشارات مستمرة للمعدة بأنها ممتلئة، مما يضعف الإحساس بالجوع ويؤثر على نمط حركة المعدة، وكذلك على الهرمونات والإنزيمات المسؤولة عن نشاطها الطبيعى».
وأضاف استشارى التغذية أن هذا الأمر قد يتفاقم فى حال استخدام الأدوية دون إشراف طبى، أو عند مزجها مع أدوية أخرى بطريقة غير صحيحة. للأسف، مع انتشار هذه الأدوية على مواقع التواصل الاجتماعى، أصبح البعض يحصل عليها من مصادر غير موثوقة أو مجهولة المصدر، ويستخدمها دون الرجوع إلى طبيب متخصص، مما يزيد من خطر الآثار السلبية.
وأرجع الدكتور محمد حلمى تفضيل استخدام هذه الأدوية فى الوقت الحالى على ممارسة الرياضة وتغيير نمط الحياة إلى أن الجيل الحالى يبحث عن «النتائج السهلة السريعة» بالإضافة إلى أن النمط الحالى للحياة يتسم بالسرعة، وهذا ما جعل الجيل الحالى يتجه نحو هذا.
يشار إلى أن كلا الدواءين ينتميان إلى فئة من الأدوية تسمى «ناهضات الببتيد١ الشبيهة بالجلوكاجون» (glucagonlike peptide١ GLP١ agonists)، والتى تعمل عن طريق الارتباط بمستقبلات «جى إل بى ١» (GLP١) التى تحفز إفراز الأنسولين من البنكرياس عندما تحتاج إلى الأنسولين، كما يساعدان على تقليل كمية السكر التى يفرزها الكبد، ويبطئان خروج الطعام من المعدة، ويساعد الجمع بين هذه التأثيرات على خفض مستويات السكر التراكمى «إيه ١ سى» (A١C) والسكر فى الدم، وقد يساعد أيضًا فى تقليل الشهية.
لهذا يتم استخدام هذين الدواءين فى علاج السمنة حيث يعملان على إبطاء إفراغ المعدة، ويحفزان الشبع، ويخفضان مستويات الجلوكوز بعد الأكل والصيام، كما يعملان على تقليل تناول الطعام، وبالتالى قد يخفضان من إجمالى وزن الجسم.