الإسماعيلية - أميرة يوسف:
وسط زحام السوق وصخب أصوات الباعة والمشترين كانت "أم محمد سعد"، السيدة المسنة تمارس عملها المعتاد في تنظيف الكوارع داخل محل المصمت الذي تعمل به منذ سنوات، لم تكن تعلم أن نهارها سينتهي بدمائها التي سالت وسط المارة، دون أن يجرؤ أحد على التدخل لحمايتها.
القصة بدأت عندما طالبت "أم محمد"، الجزار الذي تعمل لديه بسداد مستحقاتها المالية المتأخرة، لم يكن الطلب غريبا، فهي بالكاد تؤمّن قوت يومها من هذا العمل الشاق، ولكن الجزار لم يكن مستعدًا للدفع، فرفضت استلام عمل جديد قبل تسوية الحسابات القديمة.
لم يعجبه موقفها، فأرسل شقيقه إليها برسالة تحذير، لكنها تمسّكت بحقها، بعدها بلحظات، عاد الجزار بنفسه مستقلاً دراجته النارية، حاملاً "كارعًا"، وكأنه سلاح معد مسبقًا للانتقام دون سابق إنذار، رفعه في الهواء ثم هوى به على رأسها بقوة، فسقطت السيدة على الأرض وسط دهشة وصمت الجميع.
لم يكتف الجزار بضربها مرة واحدة، بل واصل الاعتداء حتى سالت الدماء من رأسها، وبدأت عيناها في الانتفاخ بسبب الضربات العنيفة، احتاجت السيدة المسنة إلى 15 غرزة في رأسها لعلاج الجرح العميق، لكن الجرح النفسي الذي تركه الموقف ربما لن يلتئم بسهولة.
ما أثار الدهشة أكثر من الوحشية التي تعرضت لها أم محمد، هو موقف المارة في السوق، الجميع شاهد الاعتداء، لكن لم يجرؤ أحد على التدخل الخوف من بطش الجزار وعائلته جعلهم يفضلون الصمت، وكأنهم لم يروا السيدة تُضرب وتهان أمام أعينهم.
بلاغ عاجل وصل إلى مدير أمن الإسماعيلية اللواء محمد عامر، فتحركت الأجهزة الأمنية سريعًا، وألقت القبض على الجزار، وحررت المحضر رقم 1128 جنح، وأخطرت النيابة العامة للتحقيق.