بي بي سي
شكّل رئيس وزراء لبنان الجديد نواف سلام، أوّل حكومة مكتملة في البلاد منذ عام 2022.
وكان رئيس البلاد جوزاف عون أعلن قبول استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وتأتي خطوة تشكيل الحكومة بعد أقل من شهر على تعيين سلام، وقبل عشرة أيام من انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، في الـ 18 من الشهر الجاري.
وتتألف حكومة سلام من 24 وزيرا، يمثلون الطوائف المسيحية والمسلمة، وفقاً لنظام تقاسم السلطة المعمول به في لبنان.
وتضمّنت الحكومة الجديدة: طارق متري في منصب نائب رئيس الحكومة، وميشال منسي وزيراً للدفاع، وأحمد الحجار وزيراً للداخلية، ويوسف رجى وزيرا للخارجية، وياسين جابر وزيرا للمالية، وعامر البساط وزيرا للاقتصاد، وجو صدي وزيرا للطاقة، وعادل نصار وزيرا للعدل.
وتحتاج هذه الحكومة الجديدة إلى تصديق البرلمان. وكان سلام أعلن أن حكومته هذه لن تضمّ أعضاء من أحزاب سياسية متهمة بالتورط في الفساد، مؤكدا أنها ستكون "حكومة إصلاح".
وتعهد سلام، وهو دبلوماسي ورئيس سابق لمحكمة العدل الدولية، بعمل إصلاحات في النظام القضائي والاقتصادي في لبنان، وبالعمل على استقرار البلد الذي يعاني منذ عقود أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية.
وعلى مدى نحو ست سنوات طبعت الأزمة الاقتصادية في لبنان أثرها على قطاعات البنوك والكهرباء، كما تركت كثيرين في ربوع البلاد يعانون الفقر.
أيضا، تأتي خطوة تشكيل الحكومة في وقت يسابق فيه لبنان الزمن لإعادة إعمار منطقة الجنوب واستعادة الأمن على حدوده الجنوبية، في أعقاب حرب بين جماعة حزب الله وإسرائيل استمرت زهاء عام.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، توسّطت الولايات المتحدة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار.
ولم تعلن جماعة حزب الله تأييدها تعيين نواف سلام رئيسا للوزراء، لكنها مع ذلك انخرطت في مفاوضات معه حول مقاعد الشيعة في الحكومة الجديدة.
وتمثّل السلطات اللبنانية الجديدة تحولاً بعيداً عن قادة مقرّبين من حزب الله؛ حيث تأمل بيروت في مواصلة تحسين علاقاتها مع السعودية ودول خليجية أخرى طالما أعربت عن مخاوفها من تنامي نفوذ حزب الله على الصعيدَين السياسي والعسكري خلال العشرية الأخيرة.
وفي يناير/كانون الثاني المنصرم، انتُخب القائد السابق للجيش اللبناني جوزاف عون، رئيسا للبلاد، ما وضع نهاية لخلوّ هذا المنصب. وكان عون مرشحا لا يحظى بتأييد حزب الله وحلفائه الرئيسيين.
ويشترك عون مع سلام في كثير من وجهات النظر، كما يتعهد بتعزيز حق الدولة في حصر السلاح بحوزة الجيش النظامي، في إشارة واضحة لسلاح حزب الله.
تحديات كبرى
من القصر الرئاسي في بعبدا، تحدث سلام للصحفيين، قائلا إن حكومته الجديدة تضع على رأس أولوياتها: الإصلاحات المالية، وإعادة الإعمار، وتنفيذ قرار الأمم المتحدة 1701 الذي يُنظر إليه كحجر زاوية في استقرار الحدود اللبنانية مع إسرائيل.
تنتظر الحكومة الجديدة تحديات كبرى، لعلّ أبرزها أعمال إعادة إعمار المناطق التي دمّرتها الحرب الأخيرة، لا سيما في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت؛ وكذلك تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب، ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الصادر في عام 2006، والذي تضمّنت بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بيد القوى الشرعية دون سواها.
ومن التحديات أيضا التي تنتظر الحكومة الجديدة، تنفيذ إصلاحات مُلحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد نحو ست سنوات من الانهيار.
وتحتاج الحكومة الجديدة إلى تطبيق إصلاحات ضرورية لإزالة العوائق أمام الحصول على مليارات الدولارات من مانحين دوليين؛ ودفعت الولايات المتحدة، وفرنسا ودول عربية باتجاه تشكيل حكومة قوية في لبنان يكون بمقدورها عمل إصلاحات يحتاج إليها البلد بشدة، قبل أن تتعهد هذه الدول بتقديم دعم مالي للبنان.
كما يُنتظر من هذه الحكومة مراجعة اتفاقيات من بينها اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي.
أيضا، من المنتظر أن تتولى الحكومة الجديدة مهمة الإعداد لانتخابات برلمانية مقررة في العام المقبل.
ردود فعل دولية ومحلية:
رحّبت السفارة الأمريكية في بيروت بإعلان الحكومة الجديدة في لبنان، وقالت في بيان عبر منصة إكس: "الشعب اللبناني يستحق حكومة تعيد بناء مؤسسات الدولة اللبنانية، وتكافح الفساد، وتنفذ إصلاحات ثمة حاجة إليها".
ورحّبت الأمم المتحدة بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، وقال مكتب المبعوثة الأممية الخاصة للبنان جينين هينيس بلاسخارت، إن "تشكيل حكومة اليوم يؤذن بفصل جديد أكثر إشراقا على لبنان".
وفي الداخل اللبناني، قال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري: "مبروك للبنان وللرئيس نواف سلام إعلان حكومة عهد الرئيس جوزاف عون الأولى"
وأضاف الحريري، على حسابه عبر موقع إكس: "اللبنانيون يستحقون الفرصة لتحقيق الآمال الكبيرة المعقودة على العهد والحكومة".