أسيوط - مصراوي:
في قرية "العفادرة" بساحل سليم في محافظة أسيوط، انتهت أخيرًا أصعب 60 ساعة تخللها الرعب والرصاص، لتتمكن قوات الأمن من إسدال الستار على فصل دموي، دام قرابة ثلاثة أيام، شهد اشتباكات عنيفة حولت القرية إلى ساحة حرب، أعادت إلى الأذهان حكايات "خُط الصعيد" وعزت حنفي.
"محمد محسوب" (40 عامًا) هو الاسم الذي ارتبط بالخوف والبلطجة في قرية العفادرة والقرى المجاورة لها طيلة 14 عامًا. لم يكن محسوب مجرد خارج عن القانون، بل أصبح أسطورة إجرامية، اتخذ من قريته حصنًا لممارسة جرائمه المتنوعة بين تجارة المخدرات والأسلحة، وترويع الأهالي.
بدأت المواجهة عندما تدخلت قوات الأمن لفض نزاع مسلح بين عائلتين في القرية. لكن ما كان يفترض أن يكون عملية روتينية، تحول إلى معركة دامية بعد أن بادر "خُط العفادرة" وأعوانه بإطلاق النار على رجال الشرطة، معلنين بداية مواجهة لم يكن يعلموا أنها ستكون نهايتهم.
فرضت قوات الأمن حصارًا محكمًا على القرية، وانقطع التيار الكهربائي عن العفادرة وثلاث قرى مجاورة، بعد أن استهدفها المسلحون.
تحولت العفادرة إلى مسرح عمليات عسكرية حقيقية، مما دفع اللواء وائل نصار، مدير أمن أسيوط، إلى إخطار وزير الداخلية شخصيًا، الذي أمر بتشكيل قوة أمنية ضخمة من أكثر من 600 ضابط ومجند، بقيادة كبار قادة الأمن في الوزارة.
طوقت القوة الأمنية القرية، وأغلقت جميع مداخلها ومخارجها، وانتشرت بين حقول الذرة وبساتين الفاكهة. بدأ تبادل إطلاق النار صباح السبت واستمر حتى ظهر الاثنين، مخلفًا قتلى وجرحى من الطرفين، بما في ذلك مقتل نجل وشقيق "محسوب"، وأحد مساعديه، ليتم الإعلان عن مقتله في نهاية الاشتباكات.
لم تُصدر وزارة الداخلية بيانًا رسميًا، لكن التقارير الصحفية أفادت بمقتل محسوب وأعوانه: "صقر.م" (17 عامًا)، "أيمن.ر" (17 عامًا)، و"رفعت.أ" (45 عامًا)، و"كريم.م" (32 عامًا)، و"محمد.ع" (30 عامًا).
من هو محسوب؟
تعود قصة "محسوب" إلى فترة الانفلات الأمني بعد ثورة يناير 2011، حيث استغل الفراغ الأمني لتكوين عصابته في العفادرة. وبعد استعادة الشرطة قوتها، حاولت مرارًا القبض عليه، لكن طبيعة القرية الوعرة جعلت ذلك صعبًا. تحوّل إلى رمز للخروج عن القانون، مستفيدًا من خوف الأهالي وترددهم في الإبلاغ عنه.
لكن مع تزايد جرائمه، خصوصًا بعد خلافه مع إحدى العائلات في القرية، تصاعدت المواجهات مع أجهزة الأمن، التي نجحت في النهاية في القضاء عليه، لينتهي فصل من الرعب في العفادرة.
ورغم انتهاء الاشتباكات، لا تزال القوات الأمنية متواجدة في محيط القرية، لتأمين الوضع وملاحقة المطلوبين الآخرين.