في شارع هادئ بمنشية طوابق فيصل بالهرم في الجيزة، لم يكن أحد يتوقع أن تنتهي براءة طفل في لحظة خاطفة. أدهم على رمضان، ذو الخمسة أعوام، خرج في مهمة بسيطة، لكنه لم يعد منها أبدًا.
لحظة سقوط طفل في بئر الأسانسير بـ الهرم
برفقة أخته «ندى»، ذات الثمانية أعوام، استلم «أدهم» طلب طعام لتوصيله إلى أحد سكان الطابق الخامس، كانت المهمة بسيطة: الصعود بالمصعد وتسليم الطلب. لم يدرك الطفلان أن القدر كان ينتظرهما على أعتابه.
حين توقف المصعد، تم فتح الباب، لكن العتبة لم تكن سليمة، تحرك «أدهم» إلى الأمام، فانزلقت قدمه الصغيرة في الفراغ الذي خلفته العتبة المكسورة، لم يكن هناك وقت للصراخ، لم يكن هناك وقت لإنقاذه. لحظة واحدة، وسقط الطفل في بئر المصعد، تاركًا وراءه صوت ارتطام صامت لكنه مدوٍّ في قلب أخته، التي ظلت تحدق في الفراغ الذي ابتلع شقيقها.
«أبٌ لا يملك سوى الصمت»
عندما وصلت الشرطة، كان الأب في الزاوية، صامتًا. في قسم شرطة الهرم، جلس أمام الرائد مصطفى الدكر، رئيس المباحث، ولم يتهم أحدًا، «قضاء وقدر»، قالها بهدوء يشبه الاستسلام، لم يكن يبحث عن مذنب، فقد كان يعلم أن أحدًا لن يعيد إليه ابنه.
عاين أحمد فراج، معاون المباحث، المكان وبحث في التفاصيل، لكنه لم يجد أي شبهة جنائية، وبعد العرض على العميد عمرو حجازي، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، تم إحالة الأمر إلى نيابة الهرم برئاسة المستشار هاني شتا، بإشراف المستشار عمرو غراب، المحامي العام الأول، التي قررت التصريح بدفن الجثمان بعد التأكد من عدم وجود شبهة جنائية.
«حذاء صغير.. لم يعد يسير»
عند باب المصعد، لا تزال بقايا الحادث شاهدة على ما حدث: بقعة صغيرة على الأرض، فردة حذاء طفل فقد الأخرى إلى الأبد، وصدمة في أعين سكان العقار. المصعد الذي حمل أجسادًا لأعلى، حمل روحًا هذه المرة، لكنها لم تعد.