كتب- عمرو صالح:
شارك الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، في حدث "يوم النيل" الذي أقيم في أديس أبابا، بمناسبة مرور تسعة عشر عامًا على تأسيس مبادرة حوض النيل، بحضور الرئيس الإثيوبي تايي أتسكي سيلاسي، وبمشاركة وزراء المياه من جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا، إلى جانب سفراء رواندا وبوروندي وتنزانيا، وممثلي كل من السودان والكونغو وأوغندا.
وخلال كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور هاني سويلم، أهمية هذه المناسبة التي تجمع دول الحوض لإعادة تأكيد التزامها المشترك بتعزيز التعاون الإقليمي، وهو ما تجسد منذ عام ١٩٩٩ بتأسيس مبادرة حوض النيل، المنصة التعاونية - الأولى والوحيدة - الشاملة التي تضم جميع دول الحوض، وتسعى لتحقيق رؤية قائمة على التعاون، والازدهار المتبادل، والتنمية المستدامة.
وأوضح أن شعار حدث هذا العام "تعزيز التعاون في حوض النيل من أجل التكيف مع المناخ والازدهار المشترك" يعكس الحاجة الملحة لتوحيد الجهود، مشددًا على أن التعاون المشترك هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات المرتبطة بالمياه، بما في ذلك التأثيرات الكبيرة لتغير المناخ مثل الجفاف الممتد، الفيضانات المدمرة، والتغيرات في أنماط هطول الأمطار.
كما أكد أن الإدارة التعاونية لموارد النيل ستسهم في تعزيز مرونة المنطقة أمام التحديات العابرة للحدود وخلق مناخ من الاستقرار والسلام.
وأشار الوزير إلى العلاقات التاريخية التي تربط مصر بدول الحوض في مجالات التجارة والتبادل الثقافي والابتكار العلمي والدبلوماسية، مؤكدًا أن مصر كانت من أوائل الدول الداعمة لمبادرة حوض النيل ماليًا وفنيًا وسياسيًا، مما ساهم في جعل المبادرة مؤسسة قوية تُعد اليوم حجر الزاوية للتعاون في حوض نهر النيل، وعلى الرغم من ذلك اضطرت مصر في عام ٢٠١٠ إلى تجميد مشاركتها في الأنشطة الفنية للمبادرة بسبب حيادها عن المبادئ التعاونية التوافقية التي تأسست عليها، وتحديدًا مبدأ التوافق وهو ما نتج عنه وثيقة غير متوازنة تشجع على الاجراءات الأحادية وتتجاهل المصالح الأساسية لدول المصب في خرق واضح لروح التعاون.
كما أشار إلى أن التصرفات الأحادية التي تقع تحت ذريعة السيادة وتتجاهل الامتثال لقواعد القانون الدولي تعد تحديًا صارخاً للتعاون العابر للحدود في حوض النيل، خاصة مصر التي تعد من أكثر الدول جفافاً على مستوى العالم كما أنها تعتمد بشكل شبه كامل على مياه النيل من أجل بقائها، أو تلك التي تحدث بتطبيق القانون الدولي بشكل انتقائي خاصةً حين يتجاهل المبدأ الأساسي للتعاون، والذي يلزم الدول بالتشاور وإجراء دراسات تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على التدابير المخطط لها بهدف ضمان الاستخدام العادل والمعقول وتجنب التسبب في ضرر جسيم.
وقال سويلم إن أبرز الأمثلة على تلك التصرفات الأحادية هو بناء سد (السد الإثيوبي) وملؤه وتشغيله بشكل أحادي دون إجراء الدراسات اللازمة لتقييم الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ودون وجود اتفاق قانونى ملزم مع الدول المتشاطئة الأخرى بشأن ملء وتشغيل هذا السد.
وأكد أن مصر تحترم حق جميع الدول المتشاطئة في التنمية وتساهم بفعالية في دعم نموها وتَقدمها، وفي المقابل تطالب مصر بضمان احترام وحماية حقها الأساسي في الحياة وسبل العيش.
وأوضح أن مصر ترحب دائما وتساند جميع المبادرات التي تهدف إلى استعادة وحدة حوض النيل وتعزيز التعاون الإقليمي، ولذلك تؤكد مصر على التزامها الكامل بتنفيذ القرار الذي اتخذ خلال الاجتماع الوزاري الأخير بشأن إطلاق العملية التشاورية التي تضم ثلاث من الدول الستة الموقعة على ما يسمى بالاتفاقية الإطارية، وهي أوغندا ورواندا وجنوب السودان، بالإضافة إلى الأربع دول التي لم تنضم للاتفاقية وهي جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، وكينيا، والسودان، وهو ما يعكس إيماننا الراسخ بالحوار والشراكة كأدوات أساسية لتجاوز التحديات وتشكيل مستقبل مرن ومزدهر.
وأعرب عن تطلعه بأن تثمر هذه العملية إلى استعادة التوافق والشمولية بين دول حوض النيل، مما يٌمكننا من التقدم معًا نحو تحقيق رؤيتنا المشتركة للتعاون الإقليمي والازدهار، كما حث سيادته شركاء التنمية الذين دعموا مبادرة حوض النيل منذ إنشائها على دعم العملية التشاورية الجارية بروح الشمولية والتعاون الإقليمي.
وأشار سويلم إلى إنشاء مصر آلية تمويل موجهة لدعم مشروعات المياه المتفق عليها على المستويين الوطني والعابر للحدود في دول الحوض؛ حيث صممت لتوفير تمويل مبدئي لتعزيز المشروعات الاستثمارية، بما في ذلك تلك المتعلقة بإدارة الموارد المائية، مع الالتزام التام بقواعد القانون الدولي.
ودعا وزير الري دول حوض النيل إلى الإفادة بمشروعاتهم ذات الأولوية، حتى يتسنى لنا العمل معًا تحت هذا الإطار لتحقيق نتائج ملموسة.
كما أشاد الوزير بقرار الرئيس يوري موسيفيني، رئيس دولة أوغندا، بتأجيل القمة الثانية لرؤساء دول وحكومات حوض النيل لمنح مزيد من الوقت للمشاورات، مما يضمن أن جميع الأطراف لديها الوقت الكافي لمعالجة مخاوفها والمساهمة بشكل هادف في الحوار المستمر وهو الأمر الذى يؤكد على الإلتزام الراسخ برؤيتنا المشتركة لإعادة الشمولية داخل الحوض، مشيراً إلى ثقتنا في أن المناقشات بشأن القمة سوف تستأنف فقط بمجرد الانتهاء من عملية التشاور القائمة.
وفى ختام كلمته، أشار الوزير إلى أن شعار "عدم ترك أحد خلف الركب" ليس مجرد شعاراً في الأجندة العالمية للتنمية المستدامة بل هو مبدأ توجيهي يجب أن ينعكس في الشمولية الحقيقية والتقدم الجماعي، مما يتطلب منا تجاوز خلافاتنا وتحديد الأولويات المشتركة لجميع دول حوض النيل لضمان مستقبل يتميز بالاستقرار، والتعاون، والازدهار المشترك، ولذلك فإن الالتزام الراسخ بالشمولية والتقدم هو الأساس الذي تستند عليه مصر لتحقيق التعاون والسلام والأخوة.