منذ وفاة والدها قبل عام، تعيش نجوى سليمان كامل (37 عامًا) وأفراد عائلتها في صراع مستمر مع أبناء عمومتها، الذين يسعون للاستيلاء على الأرض الزراعية التي ورثوها عن الأب. النزاع، الذي بدأ بخلافات عائلية، انتهى باتهام شقيقيها في محضر واعتداءات متكررة، جعلت العائلة تخشى الخروج من منزلها، بعدما قضت محكمة جنح مركز إمبابة بحبس ٤ من أولاد عمومتها ٦ أشهر إثر ضرب أختها.
في قريتها بني سلامة بمحافظة الجيزة، تتحدث نجوى بصوت يملؤه القلق عن «حياة تحولت إلى رعب»، تقول لـ«المصري اليوم»: «نحن ست بنات وأخَوان صغيران، ووالدتنا سيدة مسنة لا تملك مصدر دخل، الأرض التي ورثناها عن أبي هي مصدر رزقنا الوحيد، لكن أبناء عمي يرفضون الاعتراف بحقنا فيها، ويحاولون إجبارنا على تركها».
بدأ التوتر يتصاعد عندما تقدم شحات، شقيق نجوى، بشكوى ضد مسعد، أحد أبناء العم، بسبب ورشة دوكو أقامها أمام منزله، وهو ما اعتبرته الأسرة خطرًا على صحتهم، خصوصًا والدتهم المسنة. وتوضح نجوى: «كانت الرائحة لا تُطاق، أمي تعاني من مشكلات تنفسية، وشحات لم يستطع السكوت».
لكن هذه الخطوة أثارت غضب مسعد، الذي اعتبرها تحديًا مباشرًا، ما أدى إلى تفاقم الخلافات العائلية.
في أحد الأيام، خرجت نجوى لجلب الماء عندما واجهها مسعد في الطريق. تروي ما حدث قائلة: «أهانني وضربني، ثم حاول تمزيق ملابسي، أمسكت بهاتفي لأوثق ما يحدث، لكنه خطفه من يدي وألقاه بعيدًا».
عندما شاهد شحات شقيقته على الأرض، هرع للدفاع عنها، ليجد نفسه في مواجهة مع مسعد، الذي كان يحمل جركنًا يحتوي على مادة حارقة، يُعتقد أنها ماء نار، تضيف نجوى: «كان يريد رشها علينا، لكن شحات دفعه، فانسكبت المادة على مسعد وابنه وزوجته».
بعد الواقعة، اتهم مسعد شحات وعمرو، شقيقهما الآخر، بالتسبب في إصابته وأفراد أسرته، رغم أن عمرو لم يكن موجودًا في موقع الحادث، «تم القبض عليهما، ومنذ ذلك الحين، لم نتمكن من إثبات براءتهما أمام النيابة العامة»، تقول نجوى بأسى.
ولم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، إذ تعرضت تبارك، شقيقة نجوى، لاعتداء بالضرب من قِبل مسعد وأشقائه، ما تسبب في إصابتها بجروح خطيرة في الوجه والجسد. ورغم ذلك، صدر حكم بحبسها ستة أشهر، بينما لم يُحاسب المعتدون.
لم يقتصر النزاع على الجانب القانوني فقط، بل امتد إلى تهديدات مستمرة لعائلة نجوى، «لا نستطيع الخروج بحرية، إذا خرجنا، نسمع تهديدات صريحة، هناك من يتربص بنا»، تقول نجوى، مضيفةً أن شقيقاتها توقفن عن الذهاب إلى السوق بمفردهن خوفًا من الاعتداءات.
تؤكد الأسرة أنها تلقت رسائل تهديد تطالبهم بالتنازل عن الأرض، وتوضح نجوى: «يريدون أن نستسلم، لكن إلى أين نذهب؟ لا نملك مكانًا آخر».«تبارك» المجني عليها- تصوير: محمد القماش
لم تقتصر تداعيات الحادث على الجانب القانوني، بل امتدت إلى التأثير النفسي على العائلة، خاصة على والدتهم المسنة، «أمي لم تعد تتحدث كثيرًا، تجلس عند الباب طوال اليوم، تنتظر عودة أبنائها من الحبس، لكنها تعلم في قرارة نفسها أن الانتظار قد يطول»، تقول نجوى.
أما تبارك، شقيقتها التي تعرضت للاعتداء، فتعيش حالة من العزلة منذ الحادث، «كانت فتاة مرحة، تحب الضحك، لكنها اليوم بالكاد تخرج من غرفتها، تخشى النظر في المرآة»، تضيف نجوى.
تؤكد العائلة ثقتها في القضاء، تختم نجوى، قبل أن تصمت للحظات، قبل أن تردد: «متى تنتهي هذه المعاناة؟».