في ليلة هادئة على ضفاف النيل، كان محمد إمام إبراهيم، المعروف بـ«بكار»، يعمل على المعدية التي تربط بين مسطرد والخصوص بالقرب من الطريق الدائري في القليوبية يتنقل بين الضفتين كما اعتاد كل يوم. لم يكن يعلم أن تلك الليلة ستغير مجرى حياته ليصبح متهمًا بسرقة تليفون شقيق محامِ شهير، حينما استولى عليه من جوار جثمانه عقب قتله من قبل 7 من عناصر تشكيل عصابي.
تفاصيل حادثة العثور على جثة وهاتف محمول على «الدائري»
«كنت في المعدية، وواحد معدي قال لي: إلحق، في جثة مرمية هنا»، يحكي «محمد» في تحقيقات النيابة العامة بـ قضية مقتل شقيق محامِ والتي حصلت «المصري اليوم» على نسخة منها، محاولًا استرجاع ما حدث، إذ كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، والمياه تعكس أضواء بعيدة، بينما صوته بدا مترددًا وهو يتحدث عن تلك اللحظة.
في تلك الليلة، لم يكن «محمد» يتوقع أنه سيجد نفسه في موقف معقد. يقول: «أنا كنت راكب على المعدية بعمل حمام، ولقيت واحد معدي بيقول لي فيه جثة مرمية، فخفت وركبت المعدية تاني»، لكنه لم يستطع تجاهل ما سمعه، فبعد لحظات قرر الاقتراب أكثر ليرى ما يحدث.
حين وصل إلى المكان الذي أشار إليه الرجل المجهول، لم يكن هناك سوى الصمت، الجثة كانت ممددة، لكنه لم يقترب منها. «أنا شفت التليفون بعيد عن الجثة بحوالي 7 متر تقريبًا.. مكنش فيه حد حوالينا، فأخدته ومشيت»، يقول «محمد» بصوت خافت وكأن الكلمات تخرج منه بصعوبة.
شهادة مركبي المعدية في قضية قتل شقيق محامِ بـ القليوبية
لكن لماذا لم يبلغ الشرطة؟ يتردد قليلًا ثم يجيب على سؤال وكيل النائب العام: «أنا خوفت وقتها وقلت مليش دعوة بالموضوع ده»، في عقله، كانت الفكرة واضحة: «الابتعاد عن المشاكل»، لكنه لم يدرك أن تلك الخطوة البسيطة، أخذ الهاتف، ستجعله في مواجهة تهمة ثقيلة.
«محمد»، البالغ من العمر 25 عامًا، يعمل منذ سنوات في المعدية التي تنقل الركاب بين مسطرد والخصوص. في تلك الليلة، كان يقوم بعمله كالمعتاد، لكن فجأة أصبح جزءًا من تحقيق في جريمة قتل. «هو واحد كان معدي معرفهوش، وهو اللي شاورلي على الجثة وسابني ومشي»، يوضح الشاب العشريني.
اقرأ أيضًا| «قالي هاخده إكراه».. جزار يعترف على شريكه بقتل شقيق محام
لكن التحقيقات لم تتوقف عند روايته. فالشرطة أرادت معرفة سبب استيلائه على الهاتف، ولماذا لم يتواصل مع أي جهة رسمية. «أنا قلت آخده أبيعه، واللي يجبوه أنا أولى به»، يعترف دون مواربة، وكأن الأمر كان صفقة خاسرة منذ اللحظة الأولى.
لم يدم الأمر طويلًا حتى علم «محمد» أن الشرطة تبحث عنه. «عرفت إن الحكومة رايحة عند المعدية اللي أنا شغال عليها، وسألوا على اللي شغالين فيها، ولقيتهم جولي على البيت في الأميرية وخدوني على قسم ثانِ شبرا الخيمة»، يحكي عن لحظة القبض عليه.
في قسم الشرطة، وجد نفسه وسط استجواب طويل. سألوه عن الهاتف، وعن علاقته بالمجني عليه، وحتى عن الأشخاص الذين يُعتقد أنهم متورطون في الجريمة. «أنا معرفهمش، أنا أول مرة أشوفهم في القسم، ومفيش خلافات»، قالها بثقة وكأنه يحاول إبعاد نفسه عن الدائرة.
عندما سئل عن تاريخه، لم ينكر أنه واجه قضية مخدرات من قبل، لكنه حصل على البراءة. «أيوة، أنا كنت في قضية مخدرات واحدة وخدت فيها براءة»، يقولها وكأنه اعتاد على التعامل مع مثل هذه المواقف.
في النهاية، وُجّهت إليه تهمة سرقة الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليه خالد مجدي شافعي، شقيق محامٍ شهير، لكنه نفى التهمة مرارًا: «محصلش، أنا لقيت التليفون بعيد عن الجثة وخدته ومشيت».