المصري اليوم

2025-06-13 14:31

متابعة
«الستات بترمي الورد من البلكونات».. «رشيد» تودّع تاجر الذهب أحمد المسلماني (قصة كاملة)

في جنازة بدت أقرب إلى مسيرة حزن، خرج آلاف من أهالي رشيد يودّعون أحمد المسلماني، الشاب الثلاثيني الذي قُتل طعنًا بسلاح أبيض على يد «فارس.ع» بمساعدة صديقه «سيف.أ»، في واقعة وُثّقت أمام الكاميرات وشهود العيان، على خلفية خصومة سابقة تتعلق باتهام «الأول» بسرقة ذهب من محل المجني عليه للمجوهرات.

تفاصيل مقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب في رشيد

صديقه أحمد الديباني نجا من الموت، بعدما تلقى هو الآخر طعنات أثناء محاولته التدخل، والتقرير الطبي الذي حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، أوضح أن وفاة المجنى عليه وقعت بسبب نزيف حاد نتيجة قطع كامل في الذراع الأيسر، شمل الشريان والأوتار، بالإضافة إلى جروح قطعية في الرأس والرقبة والأنف، إذ ظلّ الضحية يصارع الموت 7 أيام قبل أن يفارق الحياة متأثرًا بإصاباته.

الطريق المؤدي إلى المقابر كان مكتظًا برجال ونساء وأطفال، بعضهم لم يعرفه، لكنهم شعروا أن فقدانه يمسّهم.. كانت النساء يرمين الورد من النوافذ، وهنّ يرددن دعوات بصوت مبحوح: (الله يرحمك يا ابني، مظلوم ومات مظلوم)، فيما وقف أصدقاء الفقيد صفًا واحدًا، يحملون نعشه كأنهم يحاولون أن يطيلوا بقاءه بينهم ولو لثوانٍ.

لم ينتظر والد «المسلماني» كثيرًا كي يسمع نبأ رحيله، قلبه، الذي لم يهدأ منذ ليل 6 يونيو الجارى، كأنه كان يقرأ النهاية قبل أن تُكتب رسميًا في التقرير الطبي، وحين خرج الطبيب من غرفة العناية المركزة، لم يحتج الأب إلى كلمات، فهم من صمته، وانهيار الممرضة التي كانت ترافق الحالة منذ دخوله، أن ابنه الكبير، سند البيت – مات.

جنازة تاجر الذهب أحمد المسلماني في رشيد

عند مدخل مدينة رشيد، اصطفت السيارات على جانبي الطريق منذ الصباح، كانت الجنازة أشبه بمظاهرة صامتة للحزن، شارك فيها الآلاف، بعضهم لم يعرف الشاب الثلاثينى عن قرب، لكنهم رأوا وجهه في الصور المتداولة، سمعوا بقصته، فأتوا ليشهدوا وداعه الأخير، حمله أهله على الأكتاف، بينما كانت نساء البلدة يرمين الورد من النوافذ ويبكين، وكأنهن فقدن واحدًا من أبنائهن.

كان الشاب الثلاثيني، المعروف بين أهالي رشيد باسم «أحمد المسلماني»، أحد التجار الشباب الذين لمع نجمهم سريعًا في مجال الذهب، إذ كان شغوفًا بعمله، دقيقًا في كل تفصيلة، ويحلم بيومٍ يعلّق فيه لافتة على محل كبير تحمل اسمه: «المسلماني – صياغة ذهب»، غير أنّ ذلك اليوم لم يأتِ.. لم يُكتب له أن يرى الفرحة التي سهر لأجلها طويلًا، وفق صديق مُقرب له.

«لقيت دراعه الشمال كله دم»، قالها الأب بصوت خافت، وهو يسترجع لحظة وصوله إلى مستشفى رشيد العام في فجر يوم الجمعة قبل الماضى، كان التليفون رنّ عليه الساعة 2:00 صباحًا، وقالوا له: «(إلحق أحمد مضروب)، ركض من البيت، بلا وعي، ووجد ابنه ينزف، الرأس فيها جرح غائر، والذراع شبه مقطوع، الدكاترة قالوا لازم يتحوّل فورًا».

المتهمان بقتل تاجر الذهب في رشيد

الجناة طعنوا أحمد المسلماني أمام الكاميرات في الشارع

اصطحبه والده، وعلى نفقته الخاصة، إلى أكثر من مستشفى لتلقى العلاج، إلا أن المستشفى الأول رفض استقباله، اضطر إلى التنقل به بين أكثر من مستشفى حتى وجد من يقبله في محافظة الإسكندرية، وهناك، أُدخل غرفة العمليات، لكنه لم يفق بعدها (ما رجعش من هناك، دخل بالعافية.. وخرج على النعش).

وقع الاعتداء، وفقًا لما أثبتته تحقيقات النيابة العامة، أمام شهود عيان وفي منتصف الشارع.. وكان صديق المجني عليه، أحمد السيد الديباني، يرافقه داخل السيارة، ويروي ما حدث قائلًا: «كنا راجعين من الشغل، وفارس وقفنا وقاله ينزل، وبمجرد ما أحمد نزل، فارس شدّه من التشيرت، وطلع سكينه ونزل فيه ضرب، وواحد تاني لابس قفطان اسمه سيف جري عليهم وشارك في الضرب. حاولت أحوش، لكن فارس ضربني أنا كمان».

ورد في تحقيقات النيابة العامة التي حصلت عليها «المصرى اليوم» توثيقٌ كامل للواقعة؛ فقد التقطت الكاميرات كل ما جرى، منذ اللحظة التي تم فيها استيقاف السيارة، وحتى لحظة الاعتداء، وسط تجمّع عدد من المارة في الشارع، وأكّدت التحقيقات وجود تعمّد ونية مبيّتة لإيذاء المجني عليه، بسبب خلافٍ سابق بينه وبين المتهم «فارس»، الذي كان يعمل معه ثم سرقه، (وكان عامل له محضر، والولد اتحكم عليه)، حسب والد «أحمد»- تاجر الذهب.

تاجر الذهب في رشيد - صورة أرشيفية

التحقيقات في جريمة قتل أحمد المسلماني تاجر ذهب رشيد

لم تكن القضية مشاجرة عابرة، بل كمين مُعدّ سلفًا، وخطة محكمة، وسلاح أبيض في يد شابين، أحدهما 19 عامًا، والآخر 18 عامًا، «فارس» و«سيف»، الأول كان يحمل سكينًا، والثاني يحمل مطواة (بوستة)، وقد تلقّى جسد «أحمد»- تاجر الذهب- طعناتٍ وحشية وكأن من اعتدوا عليه أرادوا محو وجوده بالكامل: جرحٌ في الرأس بطول 15 سنتيمترًا، قطعٌ كامل في الذراع، شريانٌ ممزق، جرحٌ في الأنف، وآخر خلف الرقبة، وفق ما ورد بالتحقيقات.

وخلال التحقيق، حمّل والد «أحمد» مسؤولية التحريض على الجريمة لكلٍّ من والد ووالدة وشقيقة المتهم «فارس»، مؤكدًا أنهم كانوا يذكون نار الانتقام في قلب الشاب الذي خان الأمانة وسرق، وقد وثّقت النيابة العامة التحريات التي أثبتت وجود اتفاق مسبق بين «فارس» و«سيف» على تنفيذ الاعتداء، كما ثبت أن السلاح الأبيض كان مجهّزًا من قبل، لكن تحريات المباحث لم تتوصل إلى ذلك فقررت النيابة إخلاء سبيل أفراد أسرة المتهم الأول.

أما المتهم «سيف»، فقد حاول إنكار ما نُسب إليه، زاعمًا أن «أحمد» هو من بادر بالاعتداء بعد نزوله من السيارة، وأنه – أي سيف – تدخّل فقط لمحاولة فض الاشتباك، غير أن مقطع الفيديو المرفق بأوراق القضية أثبت خلاف ذلك تمامًا، (والكاميرا ما بتكدبش).

جنازة أحمد المسلماني تاجر الذهب في رشيدجنازة أحمد المسلماني تاجر الذهب في رشيدجنازة أحمد المسلماني تاجر الذهب في رشيد

جنازة أحمد المسلماني تاجر الذهب تتحوّل إلى مشهد حزين في رشيد

مشهد الجنازة لم يكن مجرد وداعٍ لشاب راحل، بل كان إعلانًا جماعيًّا للحزن، إذ وقف الناس بالساعات، على الأرصفة وفي الأزقة المحيطة.. نساء يصرخن، وأطفال يحملون صور «أحمد»، ورجال واقفون بعيونٍ محمّرة.

محمود المسلماني، الأب الذي وارى ابنه الثرى بيديه، لا يزال غير قادر على التصديق. قال: «أنا شفته بيتسحب من العربية، وأنا اللي دفنته النهاردة.. أحمد ما اتخانقش.. أحمد كان راجع من شغله.. واندفن».

تاجر الذهب في رشيد - صورة أرشيفية

التحقيقات لا تزال جارية، وقد أمرت النيابة العامة بحبس المتهمين على ذمة القضية، فيما لا يزال مطلب أهالي رشيد واحدًا لا يتغيّر: «القصاص القانونى«، فيما يردد والده: «كان عنده حلم، وأمل، وشغل بيكبر.. أحمد ما ماتش في حادثة، أحمد اتغدر بيه».

للإطلاع على النص الأصلي
50
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات