سيارة نصف نقل محملة بالوقود اشتعلت بها النيران فجأة، بينما كانت تقف على مقربة من منطقة تعج بالمحال التجارية والمارة، لم يكن ثمة وقت للتفكير، جلس السائق خلف عجلة القيادة، وقاد المركبة المشتعلة بسرعة إلى خارج المنطقة السكنية، محاولًا تفادي الانفجار المحتوم.. هكذا تمكن شاب من إنقاذ العشرات من كارثة حريق في منطقة مصر القديمة في القاهرة.
بلال المصري يقود سيارة مشتعلة في مصر القديمة
الاسم الذي تردد بعد دقائق من انتشار مقطع الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي كان «بلال»... لم يكن رجل إطفاء، ولا ضابطًا مدربًا، بل سائقًا عاديًا تصرف بدافع الشهامة، كما وصفه رواد مواقع التواصل.
تحرك «بلال» بالشاحنة الملتهبة رغم اشتداد النيران، ليقودها لمسافة بعيدة عن الناس، قبل أن يتمكن الأهالي من إطفاء السيارة دون خسائر بشرية.
الشارع، الذي كان قبل دقائق غارقًا في الهلع والصراخ، تحول إلى ساحة تصفيق وذهول، كثيرون قالوا إنهم شاهدوا الموت يقترب، وإن «بلال» كان الفارق بين الحياة والمأساة.
ما فعله الشاب العشريني أعاد إلى الأذهان حادثة مشابهة في مدينة العاشر من رمضان قبل أيام، حينما ضحى السائق خالد عبدالعال بحياته وهو يحاول إيقاف شاحنة وقود مشتعلة بجسده، ليُنقذ حيًا سكنيًا بأكمله، لكنه فارق الحياة لاحقًا.
فيديو سائق سيارة مشتعلة في حي مصر القديمة
في هذه الواقعة، لم يفقد «بلال» حياته، لكنه خرج بإصابات تستدعي العلاج، فيما طالب كثيرون بتكريمه رسميًا تقديرًا لما وصفوه بـ«بطولة صامتة تستحق التقدير».
في مقطع الفيديو الذي التُقط بهاتف محمول، تظهر الشاحنة تسير بسرعة بينما تتصاعد ألسنة اللهب من أسفلها، وأحد المارة يصرخ محذرًا: «النار هتولع في الدنيا!»، لكن السيارة تواصل طريقها حتى تبتعد عن الأهالي.
تجمّع العشرات حول السائق بعد توقفه، فيما بدأت سيارات الإطفاء والإسعاف في الوصول إلى الموقع، بينما حُمل «بلال» بعيدًا على دراجة نارية إلى المستشفى، بعد إصابته بحروق طفيفة واختناق.
وزارة الأوقاف تشيد بمواطن أنقذ مصر القديمة
بعد ساعات من انتشار الفيديو، أصدرت وزارة الأوقاف بيانًا رسميًا، ثمّنت فيه ما قام به «بلال»، واصفةً الموقف بأنه «تصرف عظيم وبطولي»، وقالت الوزارة في بيانها: «بلال المصري، المصري قلبًا وفعلًا، خاطر بحياته سعيًا لإنقاذ الأرواح، في لحظة كانت تنذر بكارثة محققة، لولا شجاعته وتدخله السريع».
وأضاف البيان أن هذا التصرف يعكس «قيم الشهامة والمبادرة والفداء»، ويُجسد سنة حسنة، «لصاحبها أجرها وأجر من عمل بها»، كما دعت الوزارة إلى تكريمه رسميًا وإعلاميًا، أسوة بسائق العاشر من رمضان، لتحفيز مثل هذه النماذج المضيئة في المجتمع.
وزارة الأوقاف ختمت بيانها بالدعاء له بالشفاء العاجل، وبالقول: «ما فعله بلال تجسيد حي لما يتصف به أبناء مصر من شجاعة واستعداد دائم للتضحية».