المصري اليوم

2025-06-28 00:00

متابعة
24 ساعة في «كفر السنابسة».. من أول صرخة حتى المثوى الأخير (القصة كاملة)

لم تكن الساعة قد تجاوزت السادسة والنصف صباحًا، حين دوّى صوت ارتطام عنيف على الطريق الإقليمي في نطاق مركز أشمون. على جانب الطريق، وعلى مرمى حجر من قرية مؤنسة، كانت سيارة ميكروباص تقل عمالة شابة من قرية كفر السنابسة في طريقها المعتاد نحو مدينة السادات. في لحظة، تحول الطريق إلى مأساة، بعد أن اصطدمت شاحنة نقل ثقيل بالمركبة الصغيرة، فتناثرت الأجساد على الأسفلت، وتحطمت النوافذ والقلوب معًا.

في الدقيقة التالية، بدأت أولى مكالمات الاستغاثة تنهال على الإسعاف والنجدة. المكالمة الأولى كانت من سائق مرّ مصادفة، يقول فيها «فيه ناس مرمية في الأرض والميكروباص بقى حتة خردة». ما هي إلا دقائق حتى كانت سيارات الإسعاف تنطلق من عدة مستشفيات قريبة: أشمون، قويسنا، سرس الليان، والباجور.

في السابعة صباحًا، كانت سيارات الإسعاف بدأت نقل الضحايا، بين جثث هامدة ومصابين في حالات حرجة. رجال الشرطة حضروا المكان، والنيابة أمرت بتشكيل لجنة للمعاينة، والتحفظ على السائقين إذا بقوا على قيد الحياة. الطريق أُغلق جزئيًا، وعناصر المرور أداروا حركة السير في ظل المشهد المروع.

في الثامنة، بدأت الأخبار تصل إلى كفر السنابسة، والاتصالات تتبادل بين الأهالي في هلع: «الميكروباص بتاع ولاد البلد خبطوه»، «ناس ماتت»، «اتصل على بنتك»، «أنا مش عارف أوصل لأخويا». القرية كلها استيقظت في لحظة على فاجعة لم تتخيلها.

في التاسعة، تكدّس العشرات أمام مستشفى أشمون العام. البعض يحاول الدخول بحثًا عن ابن أو بنت، البعض يتسلم بطاقة هوية، وآخرون ينهرون موظفي الاستقبال: «قولولنا مين مات ومين عايش». في مشرحة المستشفى، كانت الأجساد ممددة، والوجوه مغطاة، بينما الأسماء تُكتب على الورق في صمت ثقيل.

منتصف النهار، بدأت القوائم تتضح. 19 جثمانًا، أغلبهم فتيات في العشرينيات، و3 مصابين. كلهم تقريبًا من كفر السنابسة. بعض الأهالي استلموا الجثامين فورًا، وآخرون انتظروا فحص الطب الشرعي وتوثيق الهويات.

مع حلول العصر، تحوّلت الساحة الكبرى في مدخل كفر السنابسة إلى نقطة انطلاق جنازة جماعية. 19 نعشًا على التوالي، والصفوف طويلة خلفها. لم تكن جنازة بقدر ما كانت مشهد وداع قرية كاملة لجزء من شبابها.

أما بعد المغرب، فقد تبددت الأجساد لكن الحزن لم يتبدد. لتبدأ التعزية في بيوت متعددة، وسرادقات أقيمت على عجل أمام منازل الضحايا. كل بيت له شهيد، وكل شارع فيه سرادق، وكل أم تحضن صورة. «كانت بنتي أول مرة تشتغل» تقول أم هدير، وتبكي على حجرها كيس بلاستيك صغير فيه حجاب، ومصحف، وزجاجة مياه كانت لابنتها.

للإطلاع على النص الأصلي
51
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات