كتب - محمد جعفر:
مع طيّ صفحة الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، بوساطة أمريكية قادها الرئيس دونالد ترامب، تعود الأنظار مجددًا إلى غزة، حيث ما تزال آلة الحرب الإسرائيلية تفتك بالفلسطينيين منذ ما يقارب العامين، وسط دمار هائل ومعاناة إنسانية متواصلة.
انتهاء التصعيد مع إيران قد يفتح نافذة جديدة على مسار التهدئة في غزة، خاصة في ظل مؤشرات سياسية متزايدة على رغبة واشنطن بإغلاق هذا الملف أيضًا، وفي هذا السياق، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الجمعة، بأنه يرى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قد يكون ممكنًا خلال الأسبوع المقبل، مؤكداً أنه كان على تواصل مباشر مع أطراف فاعلة في هذا الملف.
وخلال فعالية في البيت الأبيض للاحتفال باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، قال ترامب إن وقف إطلاق النار في غزة "بات وشيكًا"، مشيرًا إلى جهود مستمرة لإقناع كل من إسرائيل وحركة "حماس" بالوصول إلى تهدئة شاملة.
معروف ترامب ضغط على نتنياهو
وفي سياق متصل، سلّط تقرير لصحيفة هآرتس العبرية الضوء على الدور المحوري الذي لعبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقف التصعيد بين إسرائيل وإيران، مشيرة إلى أن هذا "الجميل" الأمريكي قد يُترجم إلى ضغط مباشر على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى صفقة مع حركة حماس.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب لعب دور "الوسيط والمحكِّم والسلطة النهائية" في التوصل إلى تفاهم غير معلن لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، دون أي اتفاق رسمي، بل عبر تغريدات علنية استخدمها كأداة ضغط علنية على الطرفين.
مفاوضات مرتقبة بمشاركة قطر
وبينما تشير الصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار تم ضمن ما وصفته بـ"اتفاق أحادي منسق"، فإن المحادثات الجديدة حول اتفاق نووي دائم بين واشنطن وطهران قد تنطلق قريبًا، بمشاركة قطر كمفاوض رئيسي جديد.
وترى هآرتس أن إيران خرجت من التصعيد الأخير متضررة استراتيجيًا، إذ تعطّل برنامجها النووي بشكل كبير، لكنها في المقابل قد تحقق مكاسب اقتصادية وسياسية، تشمل تخفيف العقوبات وعودة النشاط التجاري.
ورغم ذلك، تبقى مسألة الصواريخ الباليستية عائقًا معقدًا، إذ ترفض طهران ربط ترسانتها الصاروخية بالملف النووي، فيما ترى إسرائيل أن هذه الصواريخ تُشكل تهديدًا مباشرًا، وربما أكبر من النووي نفسه، خاصة بعد أن أثبتت التجارب الأخيرة فاعليتها العالية وسهولة تطويرها.
غزة على الطاولة.. وضغط أمريكي محتمل
وفي ظل انتهاء الحرب مع إيران، توقعت الصحيفة العبرية أن تتجه الأنظار الآن نحو غزة، حيث تُكثّف الولايات المتحدة ودول الخليج ضغوطها من أجل إنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى.
ونقلت هآرتس عن دبلوماسي خليجي قوله إن الرسائل الأميركية باتت أكثر وضوحًا: "يجب إنهاء هذا الأمر، والتوقف عن تبادل الأوراق"، في إشارة إلى المماطلة السياسية، وتُعيد هذه التصريحات إلى الواجهة المبادرة التي سبق أن ناقشتها قطر وواشنطن بشأن اتفاق دائم يُفرض على الجانبين في غزة.
وتشير الصحيفة إلى أن نتنياهو يدرك جيدًا أن الأولوية الإقليمية الآن، بعد إنهاء التصعيد مع إيران، هي إنهاء الحرب في غزة.
انتخابات مبكرة ومجال جديد للمناورة
من جهة أخرى، نقلت الصحيفة عن القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو قد يستعد للتوجه نحو انتخابات مبكرة، رغم غياب المسار القانوني الواضح لذلك. ووفق استطلاعات الرأي، بدأ نتنياهو باستعادة شعبيته، خصوصًا على حساب شخصيات من أقصى اليمين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين تراجعت شعبيتهما بسبب فشل مشروع "الحفاظ على يمينية نتنياهو" خلال الحرب.
وترى الصحيفة أن هذه التحولات تمنح نتنياهو مساحة سياسية أوسع للمناورة، قد تمكّنه من إنهاء الحرب في غزة وفق صفقة شاملة أو التوجه إلى صناديق الاقتراع وهو في موقع قوة، بعدما روّج لانتصاراته على إيران وخصومه الداخليين.