المصري اليوم

2025-07-05 00:00

متابعة
«جيل Z» يشتري الفكرة لا السلعة.. خبير يحذر الشركات من تجاهل التحول إلى الذكاء الاصطناعي

في وقت تتسارع فيه عجلة التغيير التكنولوجي بشكل غير مسبوق، وجدت الشركات نفسها أمام معادلة لم يسبق أن واجهتها من قبل: كيف يمكنها مواكبة الطفرات المتتالية في أدوات الذكاء الاصطناعي، وفي الوقت ذاته فهم واستيعاب عقلية وسلوك جيل جديد بالكامل، هو جيل Z؟.

هذا التساؤل الملحّ كان في صلب حديث محمد سكراوي، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «دوتس هب» والمتخصص في التكنولوجيا العقارية، الذي تحدث بلغة حاسمة عن الواقع المتغيّر الذي يواجهه عالم الأعمال اليوم، قائلاً: «نحن أمام ثنائية غير تقليدية، لا يكفي فيها التطوير المرحلي أو التجديد السطحي، بل تتطلب من المؤسسات إعادة هيكلة فكرها بالكامل، ليس فقط على مستوى المنتج أو التسويق، ولكن على مستوى الرؤية والثقافة وهندسة اتخاذ القرار».

الذكاء الاصطناعي: من أداة مساعدة إلى بنية تشغيلية

أوضح سكراوي أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية تساعد المؤسسات على تحسين عملياتها أو تقليل التكاليف، بل أصبح بمثابة بنية تشغيلية كاملة قادرة على إدارة جوانب واسعة من دورة العمل داخل أي مؤسسة.

وأضاف في حديثه لـ«المصري اليوم»: «الأدوات مثل ChatGPT وClaude وAutoGPT لم تعد حكرًا على عمالقة التكنولوجيا، بل أصبحت متاحة ومنخفضة التكلفة لأي شركة، مهما كان حجمها، ترغب في رفع كفاءتها أو توسيع قدراتها».

غير أن المفارقة، كما يوضح، تكمن في الفرق بين «التبني التقني» و«التبني الاستراتيجي»، ففي حين تبادر الكثير من الشركات إلى استخدام هذه الأدوات لتحسين الكفاءة، يتغافل كثير منها عن إعادة التفكير الجذري في نموذج التشغيل نفسه، بحيث يُدمج الذكاء الاصطناعي ضمنه كجزء أصيل لا مجرد «إضافة هامشية».

جيل Z: مستهلك وموظف مختلف

على الجانب الآخر من المعادلة، يبرز تحدٍّ لا يقل تعقيدًا: جيل Z، هذا الجيل، كما يصفه سكراوي، لا يشتري مجرد منتج، بل يبحث عن قصة ورسالة وتجربة متكاملة، فهو جيل وُلد في بيئة رقمية، وامتلك أدوات التعبير والمقارنة والتقييم منذ لحظة وعيه الأولى.

لذا، لا يكفي أن تقدم له منتجًا جيدًا بسعر تنافسي؛ بل عليك أن توصل له قصة حقيقية، ورسالة واضحة، وتجربة متكاملة تبدأ من التصميم وتنتهي بخدمة ما بعد البيع.

جيل Z، كما يرى المتخصص في التكنولوجيا العقارية، يقيّم الشركات ليس فقط على ما تبيعه، بل أيضًا على مواقفها من القضايا البيئية والاجتماعية والعدالة المجتمعية، فهذا الجيل لا يمنح ولاءً طويل الأمد، لكنه يمنح ثقة عميقة إن شعر أن الشركة تراه وتحترم وعيه.

الواقع الجديد: أدوات الماضي لم تَعُد تنفع

حين تتقاطع هاتان الحركتان، انفجار الذكاء الاصطناعي وتغيّر العقلية الجيلية، فإن النتيجة ليست مجرد تحدي، بل هي واقع جديد كليًا، على حد وصف محمد سكراوي الذي أضاف: «الشركات التي تتبنّى الذكاء الاصطناعي لتقليل التكاليف فقط، دون أن تربطه بتحليل سلوك عملائها في الوقت الحقيقي، تخسر نصف المعادلة، وتلك التي تطلق حملات تسويقية حديثة الشكل دون أن تفهم عمق تفكير جيل Z، تخسر النصف الآخر».

وبالتالي فإن الشركات التي ستنجو وتزدهر، بحسب رأيه، هي التي تجمع بين التوظيف الحقيقي للذكاء الاصطناعي، والفهم العميق للسلوك البشري الجديد.

التحوّل الحقيقي يبدأ من الرأس

«التحدي هنا ليس فقط في تغيير الأدوات، بل في تغيير العقليات»، يقول سكراوي مشيرًا إلى أن التحوّل المطلوب لا يمكن أن يكون تجميليًا، بل يجب أن ينفذ إلى صميم فلسفة الشركة.

ويشرح أن الشركات بحاجة إلى التحوّل من ثقافة الإدارة بالأوامر إلى الإدارة بالتحليل والمعلومة، ومن مركزية القرار إلى التمكين اللامركزي، ومن إنتاج الكتل الكبيرة إلى تخصيص التجربة الفردية، مؤكدًا أن هذه ليست مجرد ممارسات جديدة، بل فلسفة تشغيل كاملة يجب أن تبدأ من رأس الهرم وتخترق جميع المستويات.

غفلة الشركات العربية ومخاطر الانتظار

على الرغم من أن بعض الشركات العالمية بدأت بالفعل في إدماج الذكاء الاصطناعي في جميع عملياتها، وإعادة هيكلة ثقافتها لتكون أكثر شفافية ومرونة، وهو ما ينسجم مع تطلعات جيل Z، إلا أن الواقع في المنطقة العربية مختلف.

ويحذر سكراوي من التردد أو التقليل من شأن هذا التحول المزدوج، مؤكدًا أن فقدان المكانة التنافسية وتآكل القيمة السوقية هي نتائج طبيعية لمن يتجاهل هذا الواقع.

وفي ختام حديثه، يضع سكراوي الأساسية لمواكبة الاتجاهات الحالية للسوق، بقوله: «الذكاء الاصطناعي لن يتباطأ، وجيل Z لن ينتظر، فالشركات التي تفهم وتتحرك، ستبني مستقبلًا متينًا في سوق يتحول بسرعة. أما الشركات التي تتجاهل أو تتردد، فمصيرها أن يتم استبدالها بمن هم أكثر جرأة، أكثر فهمًا، وأكثر توافقًا مع هذه الثنائية الجديدة التي تقلب موازين البيزنس».

للإطلاع على النص الأصلي
35
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات