مصراوي

2025-07-05 15:45

متابعة
الرئيس الغائب الحاضر يٌكرمه كارلوفي فاري السينمائي بالدورة الـ٥٩

في عام 1994 - ذلك المهرجان الذي أصبح الآن ملء السمع والبصر - كان مهددا ومحكومًا عليه بالفشل إذ فكرت وزارة الثقافة التشيكية في إلغائه، على حد وصف الإعلام هناك. لكن تصدى لهذا الحكم ممثل أنيق وسيم، روحه مرحه، ابتسامته تسبقه، كان ولاشك نموذجاً للرجل المثالي في عيون العديد من النساء من مختلف الأعمار. إنه ييري بارتوشكا المنتج والممثل المسرحي والسينمائي والتليفزيوني والنجم المرموق في عالم فنون الأداء بجمهورية التشيك.

كان بارتوشكا ذلك الفارس الذي انتشل مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي - قبل واحد وثلاثين عاماً - من حالة الحكم بالإعدام فمنحه مع فريق متفاني قبلة الحياة، هذا الفريق الطموح المعجون بالشغف لم يكتف بإبطال الحكم ونزع البدلة الحمراء، بل رفعوه إلى مصاف المهرجانات الدولية العريقة - مثل فينيسيا وكان وبرلين - فصار لا يقل أبداً عنها، بل منافساً قوياً. كيف لا، وقد نجحوا في جعل عشرات الآلاف من عشاق السينما الشباب يأتون من مختلف المدن التشيكية فينصبوا خيامهم، يذهبون لقاعات السينما، ينتظرون أمام أبوابها، يشاهدون الأفلام، وفي فترات الراحة يرقدون على أرضيات غرف الفنادق، وفي الليل يرقص ويتغنون بأجمل وأشد الأغاني حيوية وبهجة وذلك على مدار أيام وليالٍ من مشاهدة الأفلام.

هذا الفريق بدأ باثنين لازالا متأججان بالحيوية بعد ربع قرن من العمل في أجواء وقيادة المهرجان العريق، وهما كارل أوخ، وكريستوف موخا. الأخير هو المدير التنفيذي الذي يعتبر بارتوشكا بأنه «كان رجلاً أنقذ مهرجان كارلوفي فاري السينمائي، مثلما كان ممثلاً عظيماً يتمتع بكاريزما كبيرة. أما الناقد السينمائي المخضرم كارل أوخ والذي يشغل منصب المدير الفني للمهرجان منذ ٢٥ عاماً، فيتذكر فترة عمله تحت قيادة بارتوشكا واصفاً إياها بأنها: «ربع قرن قضيته بالقرب من إنسان يتمتع بهالة ساحرة، لديه حس فكاهة لا يُقارن. إن الفراغ الذي يتركه هائل».

ورغم أن بارتوشكا - الحائز على جائزة الأسد التشيكي مرتين - كان يعاني من مضاعفات صحية خطيرة في السنوات الأخيرة، لكنه لم يتردد في مواصلة عمله بمرح وسعادة، مما كان يجعل من يراه لا يشك أبداً أنه في أحسن الأحوال الصحية. «واصل بارتوشكا عمله الدؤوب لخدمة المشهد الثقافي التشيكي وتمثيله في الخارج..» على حد وصف المتحدثة باسم مهرجان كارلوفي فاري، أوليانا دوناتوفا.

إذاً، هذا العام يُكمل المهرجان العريق والأهم في شرق ووسط أوروبا دورته التاسعة والخمسين، لكنه بعد ثلاثين عاماً سيكون للمرة الأولى بدون الوجود الفيزيائي للأب الروحي والمنقذ ييري بارتوشكا، الذي غادر الحياة في ٨ مايو الماضي عن عمره يناهز الثامنة والسبعين.

ليلة ختام الدورة الـــ ٥٨ - العام الماضي - خامرني شعور أن فريق عمل وإدارة المهرجان لا تحتفي فقط بمرور ثلاثين عاماً على وجود ومرافقة بارتوشكا لفريق عمل المهرجان، فقد صار رئيسه عن استحقاق، لكن كأنما الاحتفاء هو ترنيمة حب وأنشودة للوداع، كأنهم قرروا أن يقولوا له على طريقتهم وهو لا يزال على قيد الحياة: نحبك، أمتعتنا، ساعدتنا، أنقذت مهرجان بلدنا وتستحق كل التكريم، لن ننساك أبدا.

هكذا راودتني الأفكار خلال عرض اللقطات الكثيرة له على الشاشة العريضة خلال الفيلم التنويهي، حيث يبدو بمصاحبة أكبر وأهم نجوم هولييود والسينما الأوروبية.. كذلك أثناء حواره المرح مع مقدم حفل الختام فبدا الأمر كأنه تغريدة البجعة.. وسألت نفسي: تُرى هل يُقدر لنا أن نراه مجددا في الدورة التاسعة والخمسين؟ بالطبع الأعمار بيد الله.. هناك شباب يموتون مبكراً.. ليس القضية في الموت.. لكن يكمن التساؤل فيما فعلت بحياتك قبل الموت.. ؟!

فعل بارتوشكا الكثير والكثير، لذلك كانت لفتة ظريفة جداً وشديدة الإنسانية أن يقدم فريق تنظيم المهرجان هذه التحية وهو على قيد الحياة.

سيغيب ييري بارتوشكا بوجوده الفيزيائي لكنه روحه ستكون مخيمة في المكان وعلى أجواء المهرجان، سيُعرض عنه فيلم ليلة الإفتتاح بعنوان «علينا أن نُؤطره!» - حوار مع ييري بارتوشكا يوليو 2021 - من إخراج ميلان كوتشينكا وياكوب يوراسيك، بالإضافة إلى عرض فيلم «نظرية النمر» الذي أنتجه وقام ببطولته، إضافة إلى معرض فوتوغرافيا باسمه. هكذا دوما يٌٌكرم المهرجان العريق كل من سانده. مؤكد ستكون ليلة مشحونة بالعواطف والشجن، ولن أقول الحزن، فرغم الافتقاد ستكون هناك مشاعر بالفرح لأن المهرجان يسير قدما بنجاح وثبات، التكريمات تثبت ذلك، حضور كبار النجوم والنجمات الفائزين بجوائز الأوسكار، وصانعي الأفلام البارزين تُؤكد ذلك ، فأن يحضر مثلاً في هذه الدورة النجم مايكل دوجلاس للمهرجان للمرة الثانية فهذا أمر ليس هين أبداً.

ستُتاح للجمهور فرصة مشاهدة فيلم الافتتاح عبر الإنترنت على الموقع www.kviff.tv. سيبدأ البث المباشر حوالي الساعة 9:15 مساءً - بعد انتهاء حفل الافتتاح، الذي سيُبث مباشرةً على قناة KVIFF.TV. سيكون بث الفيلم متاحًا مباشرةً فقط، وسيكون متاحًا في جميع أنحاء العالم مجانًا، دون الحاجة إلى التسجيل. كما ستتوفر الترجمة الإنجليزية.

الأخبار المتعلقة

  • كارلوفي فاري الـ٥٩ دورة كسر القوالب وكسب القلوب والعقول

  • كارلوفي فاري السينمائي يُكرم أحد ضحايا المكارثية في دورته الـ59

  • مهرجان تطوان لسينما المتوسط.. أين دعم القطاع الخاص مادياً ولوجستياً؟!

  • ترامب هل سينقذه من الاغتيال أو المحاكمة قوانينه في عقد الصفقات؟

للإطلاع على النص الأصلي
66
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات