كتب- محمد جعفر:
شهدت الساحة السياسية الأمريكية مؤخراً تصاعداً غير مسبوق في حدة الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، بعد سنوات من التحالف والدعم المتبادل خاصة فترة الانتخابات الرئاسة الماضية، والدعم اللامشروط من ماسك لحليفه ترامب.
بدأت شرارة الخلاف حين انتقد ماسك بشدة مشروع ترامب الضخم للضرائب والإنفاق الحكومي، واصفاً إياه بأنه "إسراف مالي" و"خيانة" للأهداف المشتركة المتعلقة بتقليص حجم الحكومة والحد من العجز المالي.
ومع تصاعد التراشق الإعلامي بين الطرفين، بلغ التوتر ذروته عندما هدد ترامب بقطع الدعم والعقود الحكومية عن شركات ماسك، بل ولوّح بإجراءات أكثر صرامة ضده، حتى أنه لوح بوضع إدارة كفاءة الحكومة الأمريكية في مواجهة إيلون، واصفًا إياها بـ"الوحش" القادر على التهام إيلون نفسه.
في خضم هذا التصعيد، أعلن ماسك أمس السبت عبر منصته "إكس" عن تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم "حزب أمريكا"، مؤكداً أن هذه الخطوة تأتي استجابة لرغبة غالبية المشاركين في استطلاع رأي أطلقه حول الحاجة إلى كسر احتكار الحزبين التقليديين (الجمهوري والديمقراطي) للمشهد السياسي الأمريكي، إذ جاءت نسبة تأييد المقترح 80.4%، من إجمالي عدد الأصوات البالغ 5.630.775.
وأكد ماسك أن الحزب الجديد يهدف إلى "إعادة الحرية" للناخبين، ومواجهة ما وصفه بـ"النظام الحزبي الفاسد" الذي يغذي الدين الوطني عبر الإنفاق الحكومي المفرط.
طرح إعلان ماسك تساؤلات دستورية وقانونية حول مدى أحقية الأفراد في تأسيس أحزاب سياسية جديدة، خاصًة وأنها ستكون نقطة محورية في الجدل الدائر حول مستقبل الحياة الحزبية في الولايات المتحدة.
رغم هيمنة الحزبين الجمهوري والديمقراطي على المشهد السياسي في الولايات المتحدة، إلا أن الدستور الأميركي لا يتضمن نصًا مباشرًا يتعلق بالأحزاب السياسية، كما لا يضع أي قيود على إنشاء أحزاب جديدة.
ويستند الحق في تشكيل الأحزاب إلى التعديل الأول من الدستور، والذي ينص على أنه "لا يَسُنّ الكونغرس قانونًا يُقيّد حرية التعبير أو حرية الصحافة أو حق الناس في التجمع السلمي وتقديم التماس إلى الحكومة لإنصاف المظالم"، وفقًا لما ذكره موقع National Archives.
كما أكدت المحكمة العليا الأمريكية في أكثر من مناسبة، أن تكوين الأحزاب السياسية يُعد جزءًا لا يتجزأ من حرية التعبير وحق التجمع، حسب ما أورده Legal Information Institute.
وحسب الموقع فإنه لا يُوجد قانون فيدرالي موحد ينظم آلية إنشاء الأحزاب السياسية، إذ تعتمد هذه العملية على قوانين الولايات المختلفة، فعلى سبيل المثال، تختلف إجراءات تسجيل الأحزاب بين ولايتي كاليفورنيا ونيويورك، من حيث عدد التواقيع المطلوبة، ومواعيد التسجيل، وكذلك نسبة الأصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات السابقة.
ورغم احتكار الحزبين الكبيرين للمشهد، شهدت الساحة السياسية الأمريكية ظهور أحزاب بديلة على مدار العقود الماضية، مثل الحزب الليبرتاري، والحزب الأخضر، وحزب الإصلاح.
وفي آخر تطور للأحداث في هذا الشأن أثار ماسك إعجاب متابعيه منذ قليل عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي (إكس) إذ تسائل عن الموعد والمكان المقترح لافتتاح الحزب، قائلًا: "متى وأين يُفترض أن يُعقد المؤتمر الافتتاحي للحزب الأمريكي؟ سيكون ممتعًا للغاية!".