لم تكن الطفلة كنوز تعلم أن رحلة الميكروباص التي رافقت فيها جدتها من قريتهما الصغيرة في مركز أشمون بمحافظة المنوفية، ستكون آخر مرة ترى فيها وجهها الحنون، كانت ذاهبة للسادات لرؤية والدتها، لكنها لم تصل، على الطريق الإقليمي، توقف كل شيء، فالطفلة ذات الأربعة أعوام، كانت تحملها جدتها لتعطيها لأمها وعقب قضائها عدة أيام معها.
فعقب اصطدام سيارتين وجهًا لوجه على الطريق الإقليمي، ما بين الخطاطبة والباجور. في لحظة، سرعان ما تحولت الضحكات إلى صراخ، والعناق المرتقب إلى دماء.
نجت كنوز بأعجوبة، واستيقظت على أصوات الإسعاف، داخل مستشفى الباجور العام، وحيدة، لا تدري ما جرى، لم تكن قادرة على شرح اسمها، جلست وسط الأطباء، تنظرفي الوجوه بحثًا عن وجه أمها، صورتها انتشرت على مواقع التواصل.
«كنوز كانت جاية تشوفني كنت مستنياهم على باب العمارة، وفجأة الدنيا ضلمت»، بهذه الكلمات بدأت الأم، تحكي عن اللحظة التي انهارت فيها حياتها خلال ثوانٍ.
وأضافت والدة كنوز: «ماما خدت كنوز وكانو رايحين ليا في السادات، لكن اتأخروا، بدأت أقلق، لحد ما شفت خبر الحادث على الفيسبوك، بعدها اتصل بيا واحد وقال لي في حادث ميكروباص، وجثة والدتك في مستشفى وردان».
وتابعت: «صددمتى لم تكن على وفاة والدتى فقط، بل في فقدان أثر ابنتي كنوز وسط المستشفيات، مستطردة:»خرجت زي المجنونة، عمالة أسأل في كل مستشفى، حد قالي مامتك اتنقلت وردان، بس كنوز ملهاش أثر، 4 ساعات بدور على بنتي في الشوارع، ولا حد طمني هي عايشة ولا راحت معاها«.
وواصلت: «بعد ساعات من البحث والتوتر شوفت صورتها غلى الفيس والناس كاتبين إنها مكنش معاها حد، عرفتها وروحت على مستشفى».
وتحكي الأم اللحظة التي رأت فيها ابنتها: «كنوز كانت مرمية على سرير، عينيها مفتوحة ومش بتتكلم، أول ما شافتني نادت: ماما.. وسكتت».
وكان الحادث أسفر عن مصرع 10 أشخاص بينهم الجدة، وإصابة 10 آخرين بينهم الطفلة كنوز، والتي وصفت حالتها بالمستقرة، لكن قلبها، كما يقول الأطباء، «فيه كسر كبير مش بالساهل يتلم».