مصراوي

2025-07-22 19:15

متابعة
السويداء.. وجع في قلب سوريا

جاءت أحداث السويداء لتكشف وتفضح هشاشة النظام السوري الجديد، فاللعب بورقة الطائفية والميليشيات والأقليات قد يؤدى إلى تفكيك الدولة السورية.

فزعيم الدروز حكمت الهاجري هذا العميل المزدوج الذى يأخذ التعليمات من تل أبيب يلعب بورقة الدروز ويطلب الحماية الدولية ويريد دولة مستقلة عن الدولة الأم في قصر الشعب في دمشق، وللأسف الشديد أحمد الشرع موجود كرئيس لسوريا على الأوراق فقط، بينما على الأرض لا وجود له، فكل قضيته أن يعلن الولاء للأمريكان وينفذ التعليمات، بينما من يدير الدولة السورية هو تنظيم تحرير الشام الذى استولى على السلطة، وما زالت المرجعية الحقيقية له تكمن في القيادات الدينية والطائفية التي تدير قصر الشعب، وما الشرع إلا واجهة لهم مثلما كان الأمر في مصر عندما حكم محمد مرسى بينما أدار البلاد فعلًا وقتها مكتب الإرشاد.

وها قد وصل بنا الأمر أن نرى حكمت الهاجري، زعيم الدروز، في السويداء يحتجر قرابة 3 آلاف رهينة من نساء وأطفال وشيوخ، كورقة ضغط للتفاوض بها ويمنع دخول قوات الأمن السورية، مستقويًا بإسرائيل التي تريد أن تقتطع الجولان ودرعا والسويداء جنوب سوريا لتكون دولة مستقلة تابعة لها وليس لدمشق، وهذا هو سر الصراع.

أما ترامب فيبارك كل ما يحدث، وصدرت التعليمات للشرع بخروج قوات الجيش والشرطة السورية من السويداء بعدما قامت القبائل في سوريا وكل البلدان المحيطة بالسويداء لتواجه الدروز وتدعم قوات الأمن، فجاءت التعليمات الفوقية بعدم دخولهم وأن يسيطر الدروز على المشهد كاملًا، وأصبح الهاجري بيده وقف المناوشات أو استمرارها، لتكون إسرائيل قد نجحت بالفعل في اللعب بورقة الأقليات السورية.

والحقيقة أن الأمر لن يتوقف عند الدروز فقط، بل إن إسرائيل ستلعب في القريب العاجل بورقة الأكراد لتفتت ما تبقى من سوريا إلى دويلات، ليتحقق الحلم الصهيوني (الشرق الأوسط الجديد) الذي تم إعداد السيناريو الخاص به بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض.

ودعونا نؤكد أن مصر كانت هي الدولة التي تحفظت منذ البداية، عندما تولى الجولاني– الذي أصبح فيما بعد أحمد الشرع- حكم سوريا، لأن مصر كانت تخشى من تفكك الدولة السورية واشتعال حرب أهلية، وها هو ما كانت تحذر منه مصر يحدث بداية بالساحل السوري والسويداء، وسيكتمل في الشمال مع الأكراد، وهو ما قد يؤدى أيضًا لصدام بين إسرائيل وتركيا.

الرؤية المصرية كانت ثاقبة وعميقة وبعيدة النظر في أن ما يجرى في سوريا سيؤدى إلى تقسيمها، بينما قامت السعودية بدعم الشرع لتثبيت أركان حكمه لدرجة أن الشرع كان هو الرئيس الوحيد الذى قابل ترامب عند زيارته الرياض.

ما يجرى في سوريا من صراعات واقتتال وبوادر حرب أهلية جديدة، لم يحرك الشرع في قصر الشعب، فالشرع خارج الخدمة لا يتحرك إلا بتعليمات خارجية، وكأن ما حدث في الساحل وتشكيل لجنة منذ 3 شهور للتحقيق، لم يجعله يشعر بالخطر، لدرجة أنه حتى الآن لم يتم إعلان نتائج هذه اللجنة لغياب ما يسمى بالعدالة الانتقالية، وغياب مفهوم مشاركة كل الأقليات في الحكم، حتى لا تتكرر نفس المأساة التي حدثت في سوريا من قبل، ولكن الجديد مع هذا الكيان الحاكم الجديد أنه يحظى بحماية أمريكية إسرائيلية لتفكيك الدولة وتقسيمها وتنفيذ المخطط الإسرائيلي.

السويداء أصبحت وجعًا في قلب سوريا، وستكون الشرارة الأولى للحرب الأهلية التي قد تمتد إلى مناطق أخرى في دولة هي في أساسها اتحاد بين أقليات مختلفة، عربية وكردية وسنية وشيعية ودرزية ومسيحية.

نحن نحذر وننبه بأن التفكك العربي ساهم بشكل كبير في اختطاف سوريا منذ 2010 عندما تم تجميد عضويتها في جامعة الدول العربية، فأصبحت مباحة ومستباحة بعدما خرجت من الحاضنة العربية لتصبح ملعبًا لإيران وتركيا وإسرائيل وأمريكا.

فما يجرى للأسف الشديد أنه تم استبدال إيران المسلمة بإسرائيل الصهيونية، وهذه هي خطورة الموقف الآن، فنحن دائمًا منحازون للحفاظ على وحدة التراب السوري كي تعود بلاد الشام وسوريا التي كانت يومًا حجر الزاوية في مثلث الأمن القومي العربي القاهرة وبغداد ودمشق، لأن الأوضاع اختلفت الآن وأصبحت سوريا معرضة لخطر الانقسام إلى دويلات، وهذا سينعكس بالتبعية على العراق والأردن.

ولا ننسى أن ما يجرى في سوريا جعل الأنظار متجهة إليها على حساب القضية المركزية الأولى للعرب وهي فلسطين وغزة وما يجرى فيها الآن من إبادة جماعية وتطهير عرقي للشعب الفلسطيني الحر.

أين الدعم العربي اللوجستي لغزة؟ فمصر وقطر تبذلان جهودًا ضخمة من خلال مفاوضات مستحيلة مع الكيان الإسرائيلي لوقف الحرب في غزة لمدة 60 يومًا، بينما الدول العربية لا تحرك ساكنًا، والأنظار كلها متجهة للسويداء والجنوب السوري.

لقد أعجبني تعبير وليد جنبلاط الذى دعا فيه حكمت الهاجري لأن يصمت وأن يعود إلى رشده ويرجع إلى التاريخ عندما قام سلطان الأطرش بوأد فتنة بين الدروز والقبائل العربية، وشتان ما بين الأطرش والهاجري الذى يحتمى بإسرائيل وأمريكا، وهذا هو مكمن الخطورة فيما يجرى الآن، فالجنوب السوري أصبح تابعًا لإسرائيل، وأمريكا تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه مقابل أن يستمر الشرع رئيسًا لسوريا على الورق، وإسرائيل تخطط لأن تمتد حدودها من الدولة الكردية المخطط لها شمالًا في سوريا، والفرات شرقًا، وجنوبًا في الصحراء الكبرى وغربًا عند البحر المتوسط.

ولكن هيهات.. فأنت تستطيع أن تُخضع الشعوب لبعض الوقت ولكن لن تستطيع أن تُخضعها طوال الوقت.

انتبهوا؛ فالمخطط شامل لكل العواصم العربية، وتبقى مصر هي حجر العثرة الأول لوقف تنفيذ هذا السيناريو الصهيوني.

أفيقوا يا عرب

قبل فوات الأوان.

الأخبار المتعلقة

  • لحية الشرع تتراجع

  • حصيلته معروفة مُسبقاً

  • الوعي أولاً.. وعاشراً

  • الداء والدواء في دمشق

للإطلاع على النص الأصلي
75
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات