المحامي عبد الحفيظ كورتل المستشار القانوني لمجمع النهار:
«يجب تجريم التحريض على الكراهية والحقد.. ولهذه الأسباب تنازلنا عن متابعة بعص الأشخاص»
يتحدث المحامي والمستشار القانوني لمجمع «النهار»، الأستاذ عبد الحفيظ كورتل، في هذا الحوار عن عدد من الجوانب المتعلقة بالحملة المنظمة والموجهة ضد مؤسسات المجمّع، إلى جانب الأشخاص واللوبيات التي تقف وراءها.
كما يتطرق إلى قرار مدير عام المجمع الزميل، أنيس رحماني، سحب الدعاوى القضائية والمتابعات ضد بعض المتورطين في حملات الإساءة لقناة «النهار» ومحاولات تشويه سمعتها، ويرجع أسباب ذلك إلى كون المتهمين فيها هم شباب وجدوا أنفسهم متورطين في قضايا لم يكونوا يعون حجمها.
كما يكشف المحامي كورتل عن الشروع في رصد كل التجاوزات والأفعال التي يجرمها القانون، والتي يتم بثها عبر فيديوهات أو تضمينها في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تمهيدا لطرحها أمام العدالة، التي قال عنها إنها الوجهة الوحيدة التي يحتكم إليها مجمع «النهار» لقناعة مسؤوليه بأن سلطان القانون يسود ولا يُعلى عليه.
أولا التحقتم بقناة «النهار» منذ انطلاقتها في 2012، فكيف كانت التجربة؟
المزج بين ممارسة المحاماة والظهور الإعلامي في نفس الوقت ليس أمرا سهلا، فأنت ستكون أمام مسؤولية كبيرة جدا الخطأ فيها غير مباح، فالمشاهد ينتظر المعلومة القانونية الصحيحة، ولذلك يتحتم عليك الرجوع إلى كتبك الجامعية وكتب القانون.
وعليك أن تقرأ وتواكب التعديلات بشكل يومي كي تقدم الأفضل، ويكفي أن أذكرك بما كنت قد صرحت به منذ أكثر من سنتين… وهو أن النهار خطفتني من المحاماة.
لذلك فنصفي في المحاماة والنصف الآخر في «النهار»، كيف لا وأنا أمثّل الجانب القانوني للقناة ولا زلت أدافع عن الناس في أروقة المحاكم.
هل يمكن القول إن تكوينك القانوني هو الذي منعك من ممارسة السياسة؟
لا أبدا، التكوين القانوني يجعلك أكثر منطقية ويجعل من نظرتك للأمور الأخرى أكثر موضوعية، ومع الممارسة اليومية والاحتكاك بالناس من مختلف الفئات والتجول بين المحاكم يعطيك من الخبرة ما لم تعطك أكبر المدارس والجامعات.
فعندما تحب مهنتك وتنشغل بها لن يكون لك وقت للممارسة السياسة التي لا تشترط أن تكون متحزبا كي تفهم دواليبها، يكفيك فقط بعض الذكاء وبعض الوقت وبعض الظروف كي تجد نفسك سياسيا كبيرا.
كيف تعاملتم مع موجهة العداء الموجهة ضد مجمع «النهار» كمحام؟
طبعا لا يمكن إطلاقا للحملة العدائية الموجهة ضد مجمع «النهار» أن تكون عفوية أو ناجمة عن إفرازات أحداث معيّنة، فلا مجال للصدفة عندما تعرف وتسجل أن نفس الأشخاص ونفس اللوبيات هي التي تظهر دائما بمناسبة أي حدث وطني من أجل تشويه صورة «النهار»، أحيانا بنشر الأكاذيب وأحيانا بتغذية الإشاعات، ثم إن «النهار» تدفع ثمن تميزها، بدليل أن الذين ينتقدونها مدمنون على مشاهدتها.
وسأقدم لك مثالا حول تغذية الإشاعات بخصوص حبس كمال بوعكاز وفضيل دوب، فقد انتشر على نطاق واسع أن «النهار» هي من قدمت شكوى ضدهما وأنها تقف وراء حبسهما، والحقيقة أن «النهار» لم تكن أبدا طرفا في ملفهما وأن من قدم شكوى ضدهما معروف، إذن ما كان الهدف من نشر هذه الإشاعة ومن كان وراء نشرها وتغذيتها؟
إذن وبخصوص عدة أفعال ارتكبها أصحابها وألحقت ضررا بـ«النهار» قررتم الاحتكام للقضاء؟
نعم، «النهار» مؤسسة تدفع ضرائبها وتفي بكافة التزاماتها تجاه الأفراد والمؤسسات، لذلك فهي أيضا تستعمل حقها في التقاضي والاحتكام للقضاء عندما يتعلق الأمر بمحاولة تشويه صورتها أو قذف عمالها ومسؤوليها أو نشر ما قد يرقى إلى درجة جريمة، ومن هذا المنطلق كانت ردود أفعالنا سريعة طبقا لما يسمح به القانون لوضع حد لكل من يظن أنه يهاجمنا باسم مستعار أو اسم معلوم.
وقد تمكنا من تحديد الكثير منهم وتقديمهم إلى القضاء، خاصة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الذين جرّهم صغر سنهم إلى ارتكاب بعض الحماقات انتهت بهم زوارا لبعض السجون.
ولكن قناة «النهار» تنازلت مؤخرا عن متابعة عدة أشخاص أساؤوا لها، كيف تم ذلك؟
الحق في التنازل عن الشكاوى يعود إلى صاحب الحق في المتابعة القضائية، وهو المتضرر من أفعال بعض الأشخاص، وهنا أقصد السيد أنيس رحماني، مدير مجمّع «النهار»، الذي أعلمني بأنه يرغب في التنازل عن بعض المتابعات القضائية التي كانت «النهار» طرفا مدنيا فيها والطرف الآخر كان إما بعض الشباب الذين استعملوا شعار القناة للمساس برمز من رموز الدولة، وهو ما سبب ضررا لها، وكذا بعض ممن حاولوا قرصنة حساباتها.
وقد بلّغنا الجهات القضائية المختصة بتنازلنا الصريح عن المتابعة، قائلين في سبب تنازلنا «إن هؤلاء أيضا لهم الحق في الحرية وإن أخطأوا، لكنهم لم يكونوا يوما من المبتزين ولا تقف وراءهم أي جهة».
كيـــف تتعاملـون كمحــــام لقناة «النهار» بخصـوص من يسـيء إليها عبر «اليوتوب» أو عـــبر مواقــــع التــواصــــل الاجتماعــي؟
نحن لسنا متهورون نؤمن بمؤسسات الدولة ونحتكم إليها لنقل ما نتعرض إليه من تجاوزات في حقنا، فنقوم أولا برصد كل عمل عبر «اليوتوب» أو مواقع التواصل الاجتماعي يكون فيه ضرر لنا، ولكن بشرط أن يكون هذا العمل مجرّما قانونا، ثم يقوم بتحويل هذه الأفعال من قذف وسب وتهديد ونشر بيانات ومعطيات خاصة، سواء كان الهدف من ذلك استهداف مسؤولي المجمع أو عماله أو الإساءة لهم، فإن الأمر يتحول بصفة آلية وبقوة القانون إلى ملفات قضائية، لأننا نرى في القضاء الملاذ الوحيد لنا.
مثلا فقد تم رصد، في الآونة الأخيرة، قيام أحد الأشخاص بتنزيل فيديوهات يتهجم فيها على القناة ومسؤوليها وعمالها وصحافييها وكذا رموز الدولة وقياداتها وعلى جهاز القضاء، وقد أحصينا ما يقارب 100 فعل يرقى إلى درجة جريمة ستكون محل شكاوى.
اقترحتم في الأيام الماضية ضرورة تجريم بعض الأفعال كالكراهية والحقد كيف تنظرون إلى الفكرة؟
نعم.. أكرر أن الكراهية والبغض والحقد وسلوكات سلبية أخرى حتى وإن كانت طبعا إنسانيا، لكنها لابد أن لا تتعدى حدود نفوس أصحابها.
فنشر الكراهية بين أوساط المجتمع بمختلف فئاته وكذا أن يتحول بعض الناس إلى الحث على الحقد والبغض، فإن الأمر يصبح في خانة الأفعال التي يفترض أن تدرج في إطار الجرائم التي يحاربها قانون العقوبات مثلها مثل القذف والسبّ، بل إن نشر الكراهية بكل الطرق، سواء ضد شخص أو مؤسسته أو فئة معنية، هو سلوك لابد له من عقوبات صارمة، لأن خلفه تحريض على العنف والقتل.
أعتقد أن لديك كلمة أخيرة تود إضافتها..
أود أن أقول إني أتعجب من أن منابر إعلامية راحت في تعاطيها مع الأحداث تمزج بين استضافة أشخاص يؤمنون بفكرة الدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان ويناضلون من أجلها، وبين بعض الجلادين الذين تحولوا بشكل مفاجئ وفي ظروف معينة إلى قادة يتصدرون الصفوف الأولى للدفاع عن الحريات والحقوق.