أبوظبي- مباشر: يقف القطاع الصناعي قويًا كأحد المحركات القوية الرئيسية لاقتصاد دولة الإمارات. واعترافًا بهذا الدور الهام للصناعات القائمة؛ فقد اتُخذت استراتيجيات لزيادة تدعيم هذه القطاعات وتطويرها من أجل تحقيق الرخاء الاقتصادي المستدام.
ومن بين هذه المبادرات "رؤية الإمارات 2021" التي تركز على تطوير مجموعة واسعة من القطاعات، من ضمنها التعليم والرعاية الصحية والخدمات الحكومية والإسكان والبنية التحتية.
الصناعات المستقبلية
وأكد محللون لـ"مباشر" أن "رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030" تصُب أيضاً مزيداً من التركيز على الصناعات المستقبلية القائمة على المعرفة، مشيرين إلى "استراتيجية دبي الصناعية 2030" تسعى إلى جعل دبي مركزًا دوليًا للابتكار القائم على المعرفة بالإضافة إلى الأنشطة الصناعية المستدامة، يتأتى ذلك من خلال تعزيز المرونة الصناعية والتكامل مع القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ركائز أساسية
وقالت ليني أسعد، محللة مالية، الشركاء المتحدون للاستثمار لـ"مباشر": إن دولة الإمارات ترى بقطاع التصنيع أحد الركائز الأساسية وراء تطورها الاقتصادي في ظل سعيها للتحول إلى اقتصاد الابتكار والمعرفة.
وأوضحت أن إعطاء الأولوية للقطاع الصناعي يُمثل داخل الاقتصاد خطوة هامة لزيادة القدرة التنافسية لدولة الإمارات، فضلاً عن تحقيق فوائد.
وبينت أن من تلك الفوائد زيادة الاستثمارات في القطاع الصناعي والقوى العاملة والتكنولوجيا، وتوفير قوى عاملة مجهزة بأحدث المُعدات ومواكبة المعايير الدولية.
التحديات
وأشارت الى أن الحفاظ على قطاع صناعي دائم التنافسية بالدولة يشكل تعقيدات متعددة لمجموعة واسعة من الضحايا. فعلى سبيل المثال على الصعيد المحلي؛ تضغط الأسعار الشرسة على هوامش الربح بشدة لدرجة أن بعض الشركات تفشل في البقاء.
وفي مواجهة ذلك؛ أقامت أبو ظبي مكتبًا للتنمية الصناعية والتنظيم من أجل تقديم المشورة وحماية القطاع الصناعي ومتابعة أداءه وتحفيز التنمية الاقتصادية من خلال السياسات والخطط والبرامج ذات الصلة بالقطاع.
وإلى جانب التسعير الشرس، أوضحت أن أحد التحديات الكبيرة الأخرى هي الوصول إلى رأس المال الكافي للوقوع ضمن تصنيف الإنتاج الصناعي واسع النطاق. ولهذا السبب، يعتمد القطاع الصناعي في الإمارات اعتمادًا كبيرًا على المصارف التجارية، حيث يتنافس باستمرار مع الصناعات المختلفة الأخرى للحصول على حصة من التمويل المطلوب.
ولزيادة القيمة الاقتصادية في ظل مستويات المنافسة المرتفعة، يتطلب القطاع الصناعي بالإمارات قوة عاملة ماهرة ومجهزة تجهيزًا جيدًا بأحدث الابتكارات.
وقالت ليني أسعد أنها تعتقد أن التغلب على هذه التحديات يتطلب سلسلة متواصلة من المبادرات الحكومية الواعدة التي تهدف إلى بناء مركز صناعي مستدام.
70 مليار
وفي ظل وجود استراتيجيات حكومية لجذب 70 مليار دولار من الاستثمارات الصناعية بحلول عام 2025 وزيادة حصة القطاع الصناعي إلى 25% من إجمالي الناتج المحلي، وذلك بما يتماشى مع الأطر التنموية الرئيسية الثلاثة في الإمارات العربية المتحدة [رؤية الإمارات 2021 ورؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 واستراتيجية دبي الصناعية 2030].
من المتوقع أن يشهد القطاع الصناعي نموًا إيجابيًا في الأشهر المقبلة، وفقا لـ"ليني أسعد".
وبالتوازي مع ذلك، تُشجع دولة الإمارات التنويع الاقتصادي عبر التحول إلى اقتصاد الابتكار والمعرفة، مما يساهم في تحقيق نمو أكثر استدامة داخل البلاد.
وسيسهل هذا التحول بدوره الوصول إلى رأس المال، إلى جانب توفير أدوات الابتكار اللازمة للقوى العاملة، وبالتالي تمكين دولة الإمارات من التنافس عالميًا.
توجيه وتحفيز
وقالت انه في ضوء كل ما سبق مناقشته، فمن المتوقع أن تكون التوقعات الأولية لأداء القطاع الصناعي إيجابية. وذلك في ظل مجموعة من الاستراتيجيات لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تستهدف سياسات التوجيه والتحفيز والرقابة.
43.6%
ووفقاً لأحدث التقديرات؛ تبلغ إجمالي حصة القطاع الصناعي من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات نسبة 43.6٪، منها قرابة 30 نقطة مئوية من الصناعات المرتبطة بالنفط. مما يعني أن مساهمة القطاع الصناعي غير النفطي هي 13.6 نقطة مئوية، مما يُمثل جزءً هامًا للغاية لاقتصاد دولة الإمارات.
اقتصاد تنافسي
وقال فيجاي فاليشا، مدير المخاطر المالية كبير محللي السوق لدى شركة العصر للوساطة، إن لتحقيق الإمارات الوصول إلى مرتبة اقتصاد تنافسي عالمي والحد من الاعتماد على النفط الخام، من الضروري أن تصبح الإمارات مركزًا للتميز في قطاعات التصنيع والمجالات الصناعية المختلفة.
وأِشار إلى إن أحد الأهداف الاستراتيجية لحكومة الإمارات العربية المتحدة زيادة حصة الصناعة لتصل إلى نسبة 20% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد بحلول عام 2030.
وعلى سبيل المثال؛ فإن قطاعات مثل المنتجات الصيدلانية تمثل أحد أهم المتطلبات الاستراتيجية لزيادة الإنتاج المحلي، حيث تستورد دول مجلس التعاون الخليجي 80 % في المائة من احتياجاتها.
وقد حقق القطاع الصناعي أداءً طيباً هذا العام على خلفية خطة أبوظبي التحفيزية والاستثمار الضخم في البنية التحتية قبل معرض إكسبو 2020.
ومن أهم الركائز الأساسية للقطاع الصناعي في دولة الإمارات العربية المتحدة: وجود بيئة تنظيمية ملائمة ومناطق صناعية مخصصة وسياسة عمل ودية ووجود مركز لوجستي عالي الكفاءة.
وتُهِل علينا صيحة الثورة الصناعية الرابعة وسيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا فيها. ما تحتاج إليه دولة الإمارات هو تطوير قوانين بخصوص مجالات الملكية الفكرية والتصميمات والاستثمار الأجنبي والتحكيم.
وأَضاف أن شركات القطاع الصناعي لسوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية لم تشهد أداءً طيباً في السنوات الأخيرة، حيث تهيمن عليها شركات الأسمنت التي تعاني من فائض الإنتاج. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو مُعرّض للتغيير في المستقبل مع إدراج شركات جديدة بالبورصة.