ليس من الواضح تماما كيف تؤثر العوامل والاضطرابات النفسية، مثل الضغط النفسي والتوتر، على القولون العصبي، وأيها يبدأ أولا، لكن تشير الدراسات إلى إمكانية حدوثها معا، حيث أن 60% من المصابين بالقولون العصبي لديهم اضطراب نفسي واحد أو أكثر.
أظهرت دراسات تصوير الأعصاب أجريت على مرضى القولون العصبي حدوث تغيرات في قشرة المخ الأمامية ، والشريطة المهادية الموجودة في المهاد ، كما أظهرت تغييرا في الشبكات العصبية الحيوية التي لها دور في الانتباه والعواطف والتحكم بالألم.
القولون العصبي النفسي
هل هناك علاقة بين الضغط النفسي والقولون؟
تسبب العديد من العوامل تطور القولون العصبي، ومن ضمن هذه العوامل حدوث خلل في المحور الدماغي الهضمي أو المحور الوطائي النخامي الكظري ، وعوامل نفسية اجتماعية.
التواصل بين الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي الهضمي يشير إلى وجود نظام اتصال ثنائي الاتجاه، حيث يؤثر الدماغ على وظائف الجهاز العصبي الهضمي ويؤثر الجهاز الهضمي على الدماغ عن طريق الأعصاب المبهمة والأعصاب الودية ، فقد تنتج أعراض القولون العصبي نتيجة خلل في الجهاز العصبي المركزي، أو الجهاز الهضمي، أو في كلاهما.
يوجد صلة وثيقة بين ظهور الأعراض الهضمية والضغط النفسي والخوف والتوتر، حيث وجد أن حركة الأمعاء تتغير مع التغيير في الحالة العاطفية، كما يؤثر الضغط النفسي على على حركة وزيادة حساسية الأحشاء.
يعتقد الباحثون أن هنالك علاقة ثنائية الاتجاه بين القولون العصبي والاضطرابات النفسية من ناحية تزامن المرض ، حيث يرتبط تطور أعراض القولون العصبي بعوامل نفسية قد تؤثر على قابلية الجسم لتطوير هذه الأعراض، وتؤثر على حدتها ومدى استمراريتها، وكذلك على النتائج السريرية المترتبة عنها.
أظهر العلاج الموجه نحو الاضطرابات النفسية، سواء العلاج الدوائي أو العلاج النفسي، فعالية في التقليل من الأعراض لدى المصابين بالقولون العصبي مما يدعم هذه الدراسات.
الاضطرابات النفسية والقولون العصبي
اضطراب الهلع والقولون العصبي
يعتبر اضطراب الهلع من الاضطرابات النفسية الشائعة، وقد تم تسجيل تزامن مرضي مرتفع بين هذا الاضطراب والقولون العصبي، حيث تظهر أعراض القولون العصبي لدى 25- 44% من المصابين باضطراب الهلع، وتكون هذه الأعراض مشتركة بين المرضين، وتشمل الغثيان والإسهال وعدم الشعور بالراحة في المعدة.
اضطراب القلق العام والقولون العصبي
أظهرت دراسة أن 32% من الأشخاص المشاركين فيها والذين يعانون من القولون العصبي لديهم أعراض اضطراب القلق العام ، كما أظهرت دراسة أخرى تناولت انتشار القولون العصبي وتزامنه مع اضطراب القلق العام والمخاطر المرتبطة بينهما لدى عامة الناس، وأظهرت علاقة قوية بينهما، حيث أن الأشخاص الذي لديهم تزامن مرضى يعانون من أعراض أكثر حدة.
أظهر استخدام بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، وبالأخص مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ، تحسنا في أعراض القولون العصبي بالإضافة إلى الأعراض النفسية، بالأخص عند المصابين بالقولون العصبي الذي يسيطر عليه الإمساك.
اضطراب الكرب التالي للرضخ والقولون العصبي
أظهرت دراسات عديدة وجود علاقة بين القولون العصبي وتعرض المريض للاضطهاد بأشكاله المختلفة، الذي قد يؤدي إلى تطور اضطراب الكرب التالي للرضخ ، لكن الرابط الحقيقي بين المرضين غير معروف للآن.
بينت الدراسات دور الاضطهاد الجنسي كعامل خطر لتطور القولون العصبي، حيث أن أولئك الذين تعرضوا للاضطهاد الجنسي هم أكثر عرضة للإصابة بالقولون العصبي، وأن 36% من المصابين بالقولون العصبي حدث لهم في حياتهم أحد مسببات اضطراب الكرب التالي للرضخ، كما أظهرت دراسات أخرى ارتفاع ملحوظ في خطر الإصابة بالقولون العصبي عند النساء اللواتي شاركن في الحروب.
يوجد أدلة على أن علاج أعراض اضطراب الكرب التالي للرضخ أولا، قد يساعد على تحسين أعراض القولون العصبي.
اضطراب الاكتئاب الكبير والقولون العصبي
يعتبر الاكتئاب من أكثر الأعراض النفسية التي يعاني منها مرضى القولون العصبي، حيث تشير الدراسات إلى أن انتشار القولون العصبي يصل إلى 27 - 47% بين مرضى الاكتئاب الكبير .
لوحظ أن النساء اللواتي يعانين من القولون العصبي لديهن زيادة في معدل تكسر الحمض الأميني تربتوفان ، ويؤدي هذا التكسر السريع إلى استنزاف التربتوفان والسيروتونين ، وينتج عنها مواد سامة.
تعطي هذه العملية أحد التفسيرات المحتملة للتزامن المرضي بين القولون العصبي واضطرابات الاكتئاب والتوتر.
اضطراب ثنائي القطب والقولون العصبي
لا يوجد دراسات كافية تبين وجود علاقة بين الاضطراب ثنائي القطب والقولون العصبي، حيث يوجد دراسات تظهر عدم وجود صلة بين المزاج وحدة أعراض القولون العصبي.
انفصام الشخصية والقولون العصبي
كيف تؤثر الاضطرابات العصبية والقولون العصبي على بعضها؟
قد تسبب أعراض القولون العصبي تطور أعراض عصبية مشابهة للاكتئاب، حيث أن بعض المصابين بالقولون العصبي يعانون من خوف وقلق شديد أن الأعراض لديهم، مثل الإسهال أو الإمساك أو غيرها، قد تسوء في أماكن عملهم أو في المدرسة أو مع أصدقائهم، لدرجة أن البعض يبدأ بتجنب الذهاب لهذه الأماكن، وقد يبدأ الشخص بفقد الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية، والشعور بالعصبية وعدم الارتياح، والتي هي من علامات الإكتئاب.
وعلى الجانب الآخر، قد تؤثر الاضطرابات النفسية على كيفية تعامل المرضى مع القولون العصبي، حيث قد يشعر المريض بأنه متعب أو يائس ولا يستطيع تغيير طبيعية حميته الغذائية ليخفف من الأعراض، أو أنه غير قادر على معالجة الأعراض، مثل الاسهال أو الإمساك، بشكل فعّال. بالإضافة إلى أن التوتر النفسي والعاطفي يدهور من حالة أعراض القولون العصبي كما أسلفنا.
علاج القولون العصبي المصاحب للاضطرابات النفسية
بناءا على الأدلة والدراسات، فإن القولون العصبي هو مرض حساس للضغوط والإضطرابات النفسية، لذلك فإنه من المهم أثناء علاجه الأخذ بعين الاعتبار معالجة هذه الاضطرابات وأعراضها.
نتيجة فشل العلاجات الدوائية التقليدية، مثل المسهلات، في تقديم إراحة دائمة من أعراض القولون العصبي، فإنه يتم حاليا اللجوء إلى الطرق اللادوائية بشكل متزايد، والتي تتضمن:
العلاقات القوية بين الطبيب والمريض
تعليم المرضى
استخدام العلاج بالتنويم
العلاج السلوكي المعرفي
الارتجاع البيولوجي
التغيير في النظام الغذائي وتناول البروبيوتيك
ممارسة التمارين الرياضية
السيروتونين والقولون العصبي النفسي
من المعروف أن السيروتونين له دور كبير في التغيرات الناتجة عن الضغوط النفسية والتي تؤثر على حركة الأمعاء، وحساسية الأحشاء، والإفرازات المعوية
كما يؤثر السيروتونين على الكثير الاضطرابات النفسية مثل التوتر والاكتئاب
تمت دراسة استراتيجيات علاجية تستهدف توفر السيروتونين للتقليل من أعراض القولون العصبي، مثل:
الأدوية التي تستهدف الإنزيم الذي يسهم في تصنيع السيروتونين، والتي تعرف بمثبطات التربتوفان هايدروكسيليز
مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية
مثبطات استرداد السيروتونين والنورابينفرين
مضادات مستقبلات السيروتونين النوع الثالث
محفزات مستقبلات السيروتونين النوع الرابع
LX1031 لعلاج القولون العصبي النفسي
هو جزيء صغير يعمل على تثبيط إنزيم التربتوفان هايدروكسيليز، مثبت أنه قادر على إراحة مرضى القولون العصبي الذين لا يعانون من الإمساك، بالإضافة إلى زيادته لتناسق البراز عند هؤلاء المرضى.
ألوسيترون لعلاج القولون العصبي النفسي
هو مضاد لمستقبلات السيروتونين من النوع الثالث
يعتبر علاجا فعالا في تحسين الأعراض التي يعاني منها المصابون بالقولون العصبي المسيطر عليه الإسهال
لكن نتيجة أعراضه الجانبية الخطيرة، مثل الإمساك والتهاب القولون الإقفاري ، فإنه يستخدم فقط تحت إشراف صارم
بالإضافة إلى دواء راموسيترون الذي ينتمي إلى نفس المجموعة، والذي وجد أنه فعّال في علاج الآم الأمعاء المرتبطة بالقولون العصبي.
تيجاسيرود لعلاج القولون العصبي النفسي
هو محفز جزئي لمستقبلات السيروتونين النوع الرابع، ووجد أنه يحسن من عادات الأمعاء ولكن ليس من الآم البطن، لكن المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن يسببها على القلب والأوعية الدموية أدت إلى سحبه.
أدوية أخرى لعلاج القولون العصبي النفسي
يمكن استخدام مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ومضادات الذهان غير التقليدية
بالإضافة إلى بعض الأدوية التي أظهرت انتقائية لمستقبلات السيروتونين والتي يتم دراستها حاليا لمعرفة آثارها على البشر.
قبل البدء بتناول أي من هذه العلاجات، ينبغي على المريض استشارة طبيبه وتحديد جميع الخيارات المتاحة، حيث في حين أنها قد توفر بعض الراحة من أعراض القولون العصبي، إلا أن لها آثارا جانبية ومخاطر، لذلك ينبغي استخدامها فقط عند فشل الخيارات الأخرى.