أصدرت اللجنة العلمية بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد تقريرها النهائي حول حادث هجوم سمكة القرش بمنطقة مرسى علم، جنوب البحر الأحمر، والذي أجرت فيه مسحًا بحريًا شاملًا بتكليف من الأستاذة الدكتورة عبير منير، رئيسة المعهد.
وتنفرد «المصري اليوم» بنشر تفاصيل التقرير والتوصيات العلمية التي تهدف إلى الحد من حوادث هجمات أسماك القرش مستقبلًا، مع تعزيز إجراءات الأمان والسلامة على الشواطئ السياحية، في إطار الحفاظ على البيئة البحرية وتحقيق التنمية المستدامة للقطاع السياحي في مصر.
أشار التقرير إلى أن حادث هجوم القرش يعتبر من الحوادث النادرة والمتوقعة، نظرًا لوجود أسماك القرش المفترسة بشكل طبيعي في مياه البحر الأحمر، خاصة في المناطق الساحلية الضحلة. وأوضح التقرير أن الحادث رغم بشاعته يُعد طبيعيًا، لكنه يتطلب إجراء دراسات وأبحاث أكثر شمولاً حول سلوك أسماك القرش، بالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع السياحي، لضمان تحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة البحرية.
أبرز التوصيات التي خلص إليها التقرير
إنشاء برنامج رصد ومتابعة لأسماك القرش
ضرورة تنفيذ برنامج علمي لرصد ومتابعة سلوك أسماك القرش لمدة عام في المناطق الساحلية، بالتعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية وشركات القطاع السياحي، مع توفير الإمكانيات اللوجستية اللازمة للفريق البحثي.
إجراء ندوات توعوية وورش عمل
تنظيم ندوات وورش عمل لأصحاب المشروعات السياحية وقباطنة اللنشات والمراكب البحرية لنشر الوعي البيئي، وتوضيح أفضل الطرق للتعامل مع حوادث القرش وتفاديها.
توفير منح وبرامج دراسات عليا
تخصيص منح علمية وبرامج دراسات ماجستير ودكتوراه لحديثي التخرج، بهدف تكوين كوادر علمية متخصصة في دراسة سلوك أسماك القرش وأنواع الكائنات البحرية الخطرة.
إنشاء لجنة لإدارة أزمات حوادث القرش
أوصى التقرير بتشكيل لجنة مختصة لإدارة أزمات هجمات أسماك القرش، تضم ممثلين عن محافظة البحر الأحمر، وجهاز شؤون البيئة، والمعهد القومي لعلوم البحار، والجهات الأمنية والصحية.
تعزيز إجراءات السلامة البحرية
التأكيد على ضرورة تواجد أفراد إنقاذ مدربين على المنصات البحرية التابعة للفنادق، مع توفير معدات إسعاف متطورة وزوارق إنقاذ سريعة، لضمان التدخل الفوري في حال وقوع الحوادث.
إجراءات وقائية للحد من هجمات أسماك القرش
- تجنب السباحة بعيدًا عن الشاطئ في المناطق العميقة شديدة الانحدار.
- عدم السباحة بشكل فردي، حيث تهاجم أسماك القرش عادةً الأشخاص المنعزلين.
- تجنب السباحة في أوقات الشروق والغروب والليل، حيث تنشط أسماك القرش بحثًا عن الغذاء.
- الامتناع عن ارتداء المجوهرات أو الملابس البراقة أثناء السباحة.
- تجنب النزول إلى المياه في حال وجود جروح أو نزيف.
- عدم إطعام أسماك القرش، لأن هذا السلوك يغير من طبيعتها ويزيد من احتمالية مهاجمتها للإنسان.
أوصت اللجنة بضرورة إجراء دراسات على سلوكيات وفسيولوجيا أسماك القرش في مياه البحر الأحمر، باستخدام أحدث التقنيات العلمية، مثل أجهزة التتبع والمراقبة. كما أوصت بإجراء دراسات تقدير مخزون أنواع أسماك القرش في المياه المصرية بالتعاون مع الدول المجاورة، لوضع خطة لإدارة هذه الأنواع والحفاظ على التوازن البيئي.
أفاد التقرير بأن سمكة القرش التي تسببت في الحادث من نوع «ماكو» (الديبة)، وهو واحد من أكثر أنواع القروش خطورة في العالم. ووفقًا للمراجعات العلمية، يوجد نوعان من سمكة القرش ماكو في البحر الأحمر:
- ماكو قصير الزعنفة (Isurus oxyrinchus)
- ماكو طويل الزعنفة (Isurus paucus)
وكلا النوعين مهددان بالانقراض عالميًا، ونادرًا ما يتم مشاهدتهما بالقرب من الشواطئ.
من المقرر أن يتم رفع نسخة كاملة من التقرير العلمي إلى الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، لبحث سبل تنفيذ التوصيات على أرض الواقع، بالتعاون مع الجهات المعنية في محافظة البحر الأحمر.
وأكد الدكتور أشرف صديق، أحد المشاركين في إعداد التقرير، أن الدراسات العالمية حول سلوك أسماك القرش تشير إلى أن الضوضاء بالمياه، والسباحة في المناطق العميقة أو القريبة من مناطق الصيد، تزيد من احتمالية وقوع هجمات القروش.
أوصى التقرير بوضع خطة لإدارة النفايات البحرية، وتنظيم الصيد، ومكافحة التلوث البحري، لتجنب تغيير سلوك أسماك القرش، وضمان استمرار التوازن البيئي. كما حذر التقرير من إلقاء الحيوانات النافقة والمخلفات من السفن العابرة، لأنها تجذب القروش إلى المناطق الساحلية.
ويعتبر التقرير خطوة علمية هامة نحو فهم أعمق لحوادث هجمات أسماك القرش، ووضع حلول عملية لضمان سلامة السائحين وحماية التنوع البيولوجي الفريد في البحر الأحمر.
