كتب- حسن مرسي:
قال الباحث في العلاقات الدولية، حامد عارف، إن سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة السورية، وضع سوريا أمام مرحلة مفصلية تحمل تحديات كبيرة داخلية وخارجية، وتفتح آفاقا واسعة لتحقيق آمال الشعب السوري، وهو ما يستدعي من جميع السوريين وبمختلف انتماءاتهم الدينية والقومية التكاتف لبناء دولة جديدة قائمة على سيادة القانون.
وأضاف "عارف"، خلال مداخلة هاتفية له على شاشة "الحدث"، أن هذه المرحلة من تاريخ سوريا تضع على عاتق الإدارة الجديدة العمل المكثف على مسألة ضبط الأمن وإنهاء حالة الفوضى الناتجة عن انتشار السلاح.
وأشار إلى أن وزارة الدفاع التركية، أكدت دعمها لتأسيس الجيش السوري، مشيرة الى أهمية التعاون الدفاعي بين تركيا والإدارة السورية الجديدة، في الوقت الذي شدد مسؤول بوزارة الدفاع التركية على أن تركيا ترغب في العمل مع الإدارة السورية الجديدة في مجال مكافحة الإرهاب.
وأوضح "عارف"، أن تركيا كانت الداعم الوحيد للمعارضة السورية منذ بداية الثورة في العام 2011، وعلى الرغم من الضغوط المحلية والدولية لم تغير تركيا موقفها الإنساني والأخلاقي تجاه الشعب السوري.
وشدد على أن ما يشكل أحد العقبات الحقيقية أمام جهود الإدارة الجديدة في بناء سوريا المستقرة والموحدة، هو المواجهات المسلحة التي لا تزال مستمرة بين الفصائل السورية المدعومة من تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال وشرق سوريا، منذ الإطاحة بنظام الأسد.
وشدد "عارف" على أن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية وهي القوة الرائدة ضمن قوات سوريا الديمقراطية التي تنتشر في شمال وشرق سورية والمدعومة من الولايات المتحدة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني وتصنفها جماعة إرهابية.
وأوضح أن الرئيس التركي أردوغان، أكد أنه يتعين على المسلحين الأكراد في سوريا إلقاء أسلحتهم و"إلا فإنهم سيدفنون في الأراضي السورية"، في الوقت الذي تعهدت قسد فيه بقتال تركيا والجماعات الموالية لها وقالت في بيان: "لن نتردد في التصدي لأي هجوم أو استهداف لشعبنا ومناطقنا".
وألمح عارف إلى أن أنقرة "لا تثق بالأكراد"، وأن "قوات الفصائل المعارضة تم تدريبها ودعمها من تركيا لإبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن المناطق الحدودية"، مضيفًا أنه بالمنظور التركي تبقى واشنطن "حليفاً للأكراد وليس لتركيا".
ونوه عارف، بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم قسد بحجة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، حيث أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن أكبر مصدر قلق لنا في سوريا هو إمكانية استغلال تنظيم الدولة لفرصة عدم وجود سلطة في بعض المناطق.
وأكد عارف أن العلاقة ما بين الولايات المتحدة وقسد، تعود إلى ثمانية أعوام تحت غطاء التحالف الدولي في سوريا لمكافحة الإرهاب، بينما سمحت قسد لواشنطن بإقامة 28 موقعًا أمريكيًا منها 24 قاعدة عسكرية، و4 نقاط تواجد، وبحسب تصريح سابق للمتحدث بإسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، فإن هذه القواعد تضم أكثر من ألفي جندي أمريكي، ومتواجدة في محافظتي الحسكة ودير الزور.
وقال عارف إن القواعد الأمريكية أشبه بالطوق الذي يُحيط بمنابع النفط والغاز السوري المتواجد شرق نهر الفرات، وهو ما يُمثل غالبية الثروة الباطنية لسوريا، حيث سبق وأن أفادت مصادر محلية بأن قوات التحالف الأمريكي بالتعاون مع قسد تُخرج يوميًا ما يقارب من 40 صهريجاً محملاً بالنفط السوري بشكل غير شرعي.
وأشار عارف إلى أنه بنظر الخبراء في الشأن السوري، فإن التدخل الأمريكي على شكله الحالي في سوريا وعدم رفع واشنطن العقوبات عن الشعب السوري رغم إسقاط النظام البائد، يعتبر محاولة منها لإبقاء حالة التقسيم الراهنة في سوريا ووضع عراقيل لضمان تحقيق مصالحها في البلاد.
ونوه عارف بأن العدوان الإسرائيلي المستمر وتوغله المتواصل في بلدات وقرى الجنوب السوري وعدم إكتراث واشنطن به، يعزز التقسيم الذي يسعى الأمريكيون إليه، رغم مناشدات الإدارة السورية الجديدة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن الدولي بالتحرك لإجبار إسرائيل على الوقف الفوري لهجماتها على الأراضي السورية والانسحاب من المناطق التي توغلت فيها.
وشدد على أهمية إبقاء التواصل البناء مع روسيا من قبل الإدارة الجديدة في سوريا، لإرساء الأمن والاستقرار فهي تستطيع خلق توازن قوي وضمان مصالح ومستقبل السوريين في بناء الدولة الجديدة، فالعلاقة بين البلدين تاريخية وهي تمتد الى ماقبل نظام الأسد وأبيه بوقت طويل، ناهيك عن أنها دولة عظمى ولها علاقات طيبة مع تركيا وغالبية الدول العربية وهي مبنية على التعاون وإحترام السيادة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد صرح بأن سوريا دولة صديقة بالنسبة لروسيا وموسكو تتواصل مع جميع القوى السياسية في سوريا ومستعدة لاستئناف العمل مع القادة الجدد بعد أن يتم تشكيل هيكل السلطة. وتابع قائلا: "سمعنا تصريحات الرئيس أردوغان بخصوص الأمن مع سوريا، والأعمال التي سببت الفوضى من قبل، نعمل للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وهو موقف تركيا".
وأضاف: "يجب النظر إلى شرق سوريا حيث احتل الأمريكيون منابع النفط والأراضي الخصبة، ويتم استخراج الموارد وتصديرها ودعم التنظيمات التي تسعى للانفصال"، وأكد بأن "هناك من يرغب في تقسيم سوريا، ويجب أن تستوعب إسرائيل مسؤولياتها وألا تحافظ على أمنها خصماً من أمن الآخرين. يجب ألا يتم التعويل على أن تدمير المواقع العسكرية للجيران".