المصري اليوم

2025-01-17 08:00

متابعة
دير الحمام ببني سويف.. تاريخ عريق وحكاية إيمانية في قلب مصر

يقع دير الحمام على بعد نحو ٢٠ كيلومترا غرب محافظة بنى سويف، وعلى بعد ٦ كيلومتر شمال غرب اللاهون بمحافظة الفيوم، فى موقع يمتزج فيه التاريخ والإيمان. كان الدير سابقًا جزءًا من كنائس وأديرة الفيوم، وفى عام ١٩٨٥ أصبح تابعًا للبطريركية وضمن التقسيم الإدارى داخل حدود مركز ناصر بمحافظة بنى سويف. يطل الدير على طريق بنى سويف - الفيوم الصحراوى الغربى، ويمثل اليوم واحدًا من أبرز معالم الكنيسة القبطية فى المنطقة. تأسس الدير بالتحديد عام ٣٤٦ ميلاديًا، ومر على بنائه ١٦٧٩ عامًا، وهو منحوت من الدبابير وأعشاشها، وكنيسته منحوتة فى الجبل.

قال جمال عليش، مدير ترميم آثار بنى سويف والفيوم، إن الدير سُمّى باسم السيدة العذراء مريم، إلا أنه اشتهر أيضًا باسم «دير الحمام»، نسبة إلى القرية المجاورة له. تأسس الدير فى القرن الرابع الميلادى على يد القديس إسحق أب جبل البرمبل وجبل أنفسط، الذى كان تلميذًا للأنبا أنطونيوس، مؤسس الرهبنة المسيحية فى مصر. كان الدير فى بدايته عبارة عن كنيسة صغيرة منحوتة فى الجبل، حيث كان يجتمع فيها بعض الشباب الراغب فى الحياة الرهبانية والعزلة عن العالم.

وأضاف أن تاريخ إنشاء الدير يعود إلى عام ٣٤٦ ميلاديًا، وفقًا لما ذكره الأنبا بشوى، ويعدّ من أقدم الكنائس فى الشرق الأوسط من حيث التصميم والمعمار. يتميز الدير بوجود ١٣ قبة، بالإضافة إلى أن كنيسة الدير تعدّ الأولى عالميًا التى تحتوى على قبة أهليلجية، وهى نوع من القباب تشبه شكل الفنجان، وتوجد فى ثلاثة أديرة فقط فى مصر: دير الحمام، دير الملاك ميخائيل بالأقصر، وكنيسة العذراء مريم. وأشار إلى أنه تم بناء الدير فى البداية من الطوب اللبن، ولا تزال بقاياه ظاهرة إلى اليوم، ومن أبرز معالمه جدارته الشرقية التى كانت مغطاة بطبقة سميكة من أعشاش الدبابير، وهى طبقة تشكلت على مر الزمان بفعل نشاط الدبابير، مماثلة لتلك التى تغطى هرم ميدوم.

جانب من دير الحمام فى بنى سويفجانب من دير الحمام فى بنى سويف

وقال تامر فوزى، مفتش الآثار الإسلامية والقبطية ببنى سويف، إنه فى عام ١٩٩٢، تم ضم دير الحمام إلى قائمة الآثار الإسلامية والقبطية، وبعدها بعامين، فى ١٩٩٤، تم إنشاء إدارة للآثار الإسلامية فى بنى سويف. وكانت أول إشارة تاريخية للدير فى رواية المؤرخ الأرمنى أبو صالح، الذى وصفه بأنه يقع بالقرب من بلدة اللاهون ويعرف باسم دير أبو إسحق. كما أشار إلى أن الدير كان محاطًا بسور مكون من ثلاثة أسوار حجرية، مما جعله مميزًا عن باقى الأديرة.

وأوضح أنه تم العديد من المؤرخين وصفوا الدير بتفصيلات دقيقة، من بينهم أبو مكارم فى القرن الثالث عشر، الذى ذكر أن موقعه كان جيدًا ويحتوى على عناصر معمارية رائعة، حتى أن بعضهم رجح أن تاريخ بناء الدير يعود إلى القرن الثامن الميلادى. أما عالم المصريات فلندرز بترى، فقد زار الدير فى أواخر القرن التاسع عشر، وأشار إلى أنه كان يسكنه كاهن متزوج مع عائلته فى ذلك الوقت، وفى القرن التاسع عشر، قام أمين البتانونى الأثرى بتجديد الدير وأوقف عليه خمسة أفدنة، ليصبح مكانًا هامًا لأديرة المنطقة.

وأشار الأثرى تامر فوزى إلى أن الدير عبارة عن بناء مستطيل محاط بسور من الجهات الأربع ويحتوى على كنيسيتين ومجموعة من القلالى والغرف، بالإضافة إلى مكتبة خاصة تحتوى على قطع أثرية من الحجر والفخار والزجاج والنسيج. ويتميز الدير بفناء مبلط حديثًا، وفيه أيضًا تم بناء نموذج للجلجثة وطريق الآلام، بالإضافة إلى كنيسة السيدة العذراء التى يُعتقد أن جدرانها هى جزء من البناء الأصلى.

جانب من دير الحمام فى بنى سويفجانب من دير الحمام فى بنى سويف

وأكد الدكتور محمد إبراهيم، وكيل وزارة الآثار بالمحافظة، أن دير الحمام هو أحد الأماكن المقدسة التى تعكس التاريخ العريق للإيمان المسيحى فى مصر، ويستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم ليشهدوا إرثًا دينيًا ومعماريًا فريدًا من نوعه. وأضاف وكيل وزارة الآثار أن الدكتور محمد هانى غنيم، محافظ بنى سويف، زار دير السيدة العذراء بقرية الحمام بمركز ناصر، رافقه خلال الزيارة بلال حبش، نائب المحافظ، ولقيت الزيارة ترحيبًا كبيرًا من رعاة الدير من الآباء والكهنة الذين ثمنوا الزيارة الأولى لمحافظ الإقليم، والتى وصفوها بالزيارة التاريخية وغير المسبوقة.

وأشار إلى أن الراهب «ذوسيما» استعرض الأهمية التاريخية للدير، الذى أنشئ عام ٣٤٦ ميلاديًا بقرية الحمام ويقع بالقرب من قرية اللاهون بمحافظة الفيوم. يُعتبر الدير متحفًا فنيًا صغيرًا يحوى بداخله كنوزًا نادرة وتحفًا قبطية قيمة، مثل أدوات المذبح المصنوعة من النحاس، التى كانت تستخدم قديمًا، وأقدم قطعة نسيج قبطية، وأيضًا حجر المعمودية المصنوع من الجير الذى يعود إلى القرن الرابع الميلادى.

وأكد المحافظ إعجابه الشديد بالقيمة الأثرية والروحية للدير، الذى يعدّ أحد أبرز المعالم التاريخية والأثرية الدينية فى بنى سويف، مما يعكس مكانة المحافظة باعتبارها متحفًا مفتوحًا لكل العصور، من الفرعونى والقبطى والإسلامى، مؤكدًا أن الآثار القبطية ومكانتها التاريخية ضمن خطة المحافظة واستراتيجيتها للتنمية السياحية لخمس سنوات مقبلة.

للإطلاع على النص الأصلي
15
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات