المصري اليوم

2025-02-07 08:31

متابعة
تقرير جديد لـ«معلومات الوزراء»: المناخ ظاهرة فاقت قدرات الدول على مواجهتها ولا بد من تضافر الجهود

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول «تداعيات تغير المناخ على مستقبل الطاقة»، تناول من خلاله أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة فى ظل تزايد معدل الطلب عليها عالميًّا، والعلاقة بين الظواهر المناخية المختلفة ومصادر الطاقة، وكيف تؤثر تلك الظواهر على قطاعات الطاقة المختلفة كلٌّ على حدة، فضلاً عن انعكاسات تغير المناخ على البنية التحتية لقطاع الطاقة، وتحليل فجوة العرض والطلب على مصادر الطاقة، مع استعراض مستقبل الطاقة فى مصر فى ظل تغير المناخ من خلال الإسقاط على التحديات التى تواجه قطاع الطاقة فى مصر، وأبرز الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع.

أوضح التقرير أنه فى ضوء ما يعانيه العالم من تغير مناخى حاد وما يصاحبه من ظواهر متطرفة، أثرت بالطبع على جميع مقدرات الحياة ومفاتيح التنمية والتطور والتقدم، بل أصبحت تهدد حياة الإنسان واستقراره وأمنه، ولما كانت الطاقة هى جوهر عملية التنمية الاقتصادية فى مختلف أنحاء العالم، وهى السبيل لرفاهية الإنسان ورخائه واستقراره المادى والاجتماعى -نظرًا لأهميتها فى خلق فرص عمل عديدة تُسهم فى الحد من البطالة، وقدرتها على دعم الصناعات والاستثمارات والابتكارات والخطط والبرامج والاستراتيجيات الجديدة بما يعود بالنفع والفائدة على البشرية- كان لزامًا أن يتم التطرق لتأثير التغيرات والظواهر المناخية عليها، وذلك فى ظل ما تجابهه من تحديات أخرى مرتبطة بالسياقات الدولية المختلفة بما تتضمنه من تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمى وإمدادات الطاقة، والأزمة الروسية - الأوكرانية، والصراع فى غزة وتأجج منطقة البحر الأحمر والذى أثر بدوره على تلك الإمدادات.

وقد أشارت مجموعة البنك الدولى بأهمية الطاقة المتجددة مثل (الشمس والمياه والرياح) لأن تكون مصدرًا بديلًا للوقود الأحفورى الناضب؛ إذ من الممكن أن تساعد البلدان على التخفيف من تبعات تغير المناخ، كما أنها من الممكن أن تكون حلًّا مناسبًا بحلول عام ٢٠٣٠ لتعويض الفجوة فى قطاع الطاقة، لكن هذه الطموحات باتت مُهددة بفعل موجات الطقس غير المعتادة والظواهر المناخية المتطرفة (ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر، والجفاف، والفيضانات، والأعاصير، وتباين معدل هطول الأمطار، وغيرها)، فأصبح مستقبل الطاقة سواء كانت متجددة أو تقليدية مهددًا على نحو مباشر بسبب تلك الحوادث، والأمر ينطبق كذلك على الإنتاجية والاستهلاك.

وأضاف التقرير أنه فى ظل زيادة الطلب العالمى على مصادر الطاقة المختلفة لتلبية احتياجات التنمية والتطوير المستمر وللحاق بركب التطور التكنولوجى والمعلوماتى، تأتى أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة وذلك على النحو التالى:

أولاً: أهمية الوقود الأحفورى كمصدر رئيس لإمدادات الطاقة عالميًّا: تنبع أهمية الوقود الأحفورى من كونه المصدر الرئيس لإمدادات حوالى ٨٠٪ من الاحتياجات العالمية للطاقة، كما أنه يمثل الداعم الأول للاقتصاديات العالمية لأكثر من ١٥٠ عامًا، بل إنه كان الركيزة الأساسية التى قامت عليها الثورة الصناعية وكان له الدور البارز فى النمو الاقتصادى الذى حدث منذ ذلك الحين.

وقد أبرز التقرير أهمية الوقود الأحفورى فى تعزيز نهضة المجتمعات وتطورها على النحو التالى:

١-المصدر الأول لإنتاج الطاقة ولاسيما الكهربائية، والمصدر الأول للوقود لوسائل النقل المختلفة: وهناك العديد من الدول التى تعتمد على الوقود الأحفورى كمصدر رئيس لإنتاج الطاقة الكهربائية ويتم قياسها كنسبة مئوية من إجمالى الكهرباء المنتجة فى العالم، لعل أبرزها: روسيا التى تعتمد على الوقود الأحفورى لإنتاج نحو ٦٤٪ من الكهرباء، والصين ٦٤.٧٪، بالإضافة إلى اعتماد الهند فى ٧٨٪ من إنتاجها على الوقود الأحفورى، وكازاخستان ٨٧.٢٪، ومنغوليا ٨٩.٣٪، وإيران ٩٣.٨٪، والمملكة العربية السعودية ٩٩.٨٪، وسلطنة عمان ٩٩.٤٪، وليبيا ١٠٠٪، والجزائر ٩٩.٢٪، والنيجر ٩٣.٧٪، وتشاد ٩٤.٣٪، ومصر ٨٨.٢٪، وإيطاليا ٥٦.٣٪، والولايات المتحدة الأمريكية ٥٩.١٪

٢-تعزيز القطاع الطبى بالتقنيات الحديثة، حيث يتم من خلال المشتقات البترولية انتاج العديد من المواد اللازمة للجراحة كالمعقمات وخيوط الجراحة المتطورة التى ساهمت فى الارتقاء بهذا القطاع ليعود بالنفع على الإنسان.

٣-تُسهم فى صناعة الأنسجة والملابس من خلال الألياف الاصطناعية المشتقة من الوقود الأحفورى.

٤-كما تدخل فى نطاق صناعة الأسمدة ودعم قطاع الزراعة.

٥-يساعد على تعزيز النمو الاقتصادى وتحسين مستوى الدخل: لاسيما للعاملين فى قطاعات النفط والغاز الطبيعى والفحم؛ حيث أن هذه القطاعات ترفع من نصيب الفرد فى الناتج المحلى الإجمالى، وتحسن من مستوى الرفاهة الاجتماعية، كما أنه يسهم فى عدة قطاعات كصناعة السيارات، وصناعة الحديد والصلب، والأسمدة، والمنسوجات، والبتروكيماويات.

ثانياً: أبرز التقرير أهمية الطاقة المتجددة (الشمس والرياح والمياه) كمصدر ثانٍ لإمدادات الطاقة عالميًّا: فعلى الرغم من الأهمية المحورية للوقود الأحفورى كمصدر أولى للطاقة، فإن السياقات الراهنة المرتبطة بأنه مصدر ملوث للبيئة وغير متجدد وله دور فى تغير المناخ وكمياته المحدودة -بسبب استنزاف احتياطاته-، دعت إلى الانتقال نحو طاقة نظيفة، صديقة للبيئة وغير ناضبة، أو ما يمكن أن يطلق عليه الطاقة المتجددة ممثلة فى (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، وطاقة المد والجزر، والطاقة الحرارية الأرضية).

وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أنه رغم اعتماد ٨٠٪ من سكان العالم -أى ما يقرب من ٦ مليارات نسمة- على الوقود الأحفورى كمصدر للطاقة، وأن ٨٠٪ من الإنتاج العالمى للطاقة يأتى من خلال مصادر الطاقة التقليدية، فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة كمصدر بديل للطاقة أصبح محل اهتمام من العالم، لا سيما أن ٢٩٪ من الكهرباء المتولدة فى العالم تأتى من خلال الطاقة المتجددة، وترى الوكالة أنه بحلول عام ٢٠٥٠ يمكن أن يتم توليد ٩٠٪ من الطاقة الكهربائية من خلال مصادر الطاقة المتجددة، لذا فأهميتها تنبع من كونها: مصادر متجددة (مستدامة) للطاقة، صديقة للبيئة غير ملوثة، تحافظ على الصحة العامة، وتكاليف الاستثمار فيها منخفضة مقارنة بالوقود الأحفورى، وتُسهم فى خلق فرص عمل جديدة وآمنة للحد من معدلات البطالة.

وقد أوضح التقرير أن الظواهر المناخية المتطرفة التى تنتج عن التغيرات الحادة فى الطقس أثرت على قطاع الطاقة بشكل بيِّن، خاصة قطاع توليد الطاقة الكهربائية من خلال الوقود الأحفورى، ومحطات الطاقة الحرارية، والكهرومائية، ومحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ وبالتالى تأثر قطاع الطاقة من حيث البنية التحتية، ومعدل الطلب على الطاقة، وانخفاض قدرة المحطات وما إلى ذلك من ظواهر.

وقد استعرض التقرير تأثير الظواهر المصاحبة لتغير المناخ على قطاع الطاقة وذلك على النحو التالى:

- تأثر البنى التحتية الحيوية لقطاع الطاقة ولا سيما الوقود الأحفورى: فقد تأثر قطاع الطاقة فعليًّا من الظواهر المناخية المتطرفة على مستوى البنى التحتية وعمليات الإنتاج والتكرير للوقود الأحفورى، فغالبًا ما تتم العملية التى يتم فيها استخراج النفط والغاز الطبيعى فى المياه أو المناطق الساحلية والصحراوية، وبالتالى قد يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والأعاصير إلى التأثير على مصافى التكرير الموجودة على طول السواحل كتأثر الساحل الأمريكى بالأعاصير المدمرة، كما تأثرت البنية التحتية للطاقة، وتحديدًا قطاع النقل المتمثل فى الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى خطوط الأنابيب الناقلة للنفط والغاز والتى تُعد الأساس لقطاع الطاقة؛ لأنها تنقل الوقود الأحفورى إلى محطات المعالجة والتكرير ومنه للتوزيع وتبدأ بنطاق صغير وصولًا إلى النقل عبر القارات.

-خلل منظومة العرض والطلب فى قطاع الطاقة نظرًا لاعتبارات (التكلفة، التخزين، التوليد).

-تهديد إنتاجية الطاقة المتجددة (الحرارية، الكهرومائية، الطاقة الشمسية، طاقة الرياح): فقد تتأثر إنتاجية الطاقة الحرارية وتتأثر كفاءة المولدات بفعل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدل البخر للمياه المستخدمة فى التبريد؛ مما قد يترتب عليه ضعف القدرة الإنتاجية لتلك المحطات، وخاصة أن تكاليف إنشاء طرق بديلة لتبريد المولدات من غير الاستعانة بالمياه مكلفة للغاية؛ مما يفرض تحديًا على هذا القطاع.

واستعرض التقرير أبرز إجراءات التكيف التى تم اتخاذها فى قطاع الطاقة لمجابهة هذا التغير والتكيف مع تداعياته السلبية، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالى:

-إدراج قطاع الطاقة النووية كأحد إجراءات التخفيف لمجابهة تغير المناخ.

-إجراءات التكيف فى قطاع الطاقة المتجددة (الكهرومائية والشمس والرياح): والتى تتمثل فى: بناء السدود والخزانات كبيرة الحجم لأجل الاستفادة من فائض المياه الناتج عن الأمطار والفيضانات.

-إجراءات التخفيف فى قطاع الوقود الأحفورى: على الرغم من التأثير السلبى للوقود الأحفورى على تغير المناخ من ناحية ارتفاع نسبة المساهمة فى الانبعاثات الكربونية، فإنه تأثر كذلك بفعل ذلك التغير، وكان لازمًا أن يتم اتخاذ عدد من الإجراءات تتضمن التخفيف للحد من الانبعاثات الناتجة عن هذا القطاع، والتى من ضمنها أن يتم تخفيض غاز الميثان - العنصر الأساسى فى تكوين طبقة الأوزون الأرضى، بالإضافة إلى كونه مسببًا رئيسًا فى تغير المناخ وتلوث الهواء- من عملية إنتاج الوقود الأحفورى.

وأشار التقرير إلى مستقبل قطاع الطاقة فى مصر ومدى تأثره بفعل التغيرات المناخية، حيث أشار إلى تمتع مصر على مدار تاريخها بالمناخ المعتدل فى ظل درجات حرارة غير مرتفعة، وأجواء شتوية دافئة، لكن مع بداية الألفية الجديدة شهدت مصر سياقات مغايرة على صعيد المناخ؛ فمن المناخ المعتدل إلى موجات الحر وارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، وموجات البرد التى تصل حد الصقيع أحياناً فى عدد من المحافظات؛ حيث ارتفعت درجات الحرارة فى الفترة ما بين عام ١٩٠١ وعام ٢٠١٣ بمعدل ٠.١ درجة مئوية لكل عشرة أعوام. وتسارعت وتيرتها فى الفترة ما بين ٢٠٠٠ إلى ٢٠٢٠ بمتوسط ٠.٣٨ درجة مئوية لكل عقد، وهو أعلى من المتوسط العالمى لكل عقد والبالغ ٠.٣١ درجة مئوية، كما أن المتوسط العالمى لتلك الظاهرة خلال العام الواحد فى تلك الفترة ٠.٠٣ درجة مئوية لكل سنة، فى حين أن متوسط الاحتباس الحرارى فى مصر يبلغ نحو ٠.٠٤ درجة مئوية لكل سنة. وهو مرتفع نسبيًّا مقارنة بالمتوسط العالمى خلال تلك الفترة، وهو ما يظهر تأثير تغير المناخ على مصر بداية من الألفية الجديدة.

وأوضح التقرير أن تلك السياقات المناخية تؤثر بدورها على قطاع الطاقة باعتباره أحد أبرز القطاعات المتأثرة فى مصر بفعل تلك الظواهر، وذلك فى ظل ارتفاع معدل الطلب على الطاقة داخل الدولة لتلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد والتنمية، وهو ما أقرته دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ حيث أفادت الدراسة أن ٥٠٪ من إجمالى الكهرباء التى يتم استهلاكها خلال أشهر الصيف فى القاهرة تأتى من خلال استخدام أجهزة تكييف الهواء. وهو ما يشكل ضغطًا على قطاع الطاقة فى ظل ارتفاع درجات الحرارة وما يصاحبها من ظواهر مناخية ذات صلة، إضافة إلى زيادة الطلب على الطاقة فى فترات موسمية (الصيف) على حساب أخرى.

وقد استعرض التقرير التحديات التى تواجه مستقبل الطاقة بالدولة المصرية، ومنها: تغير المناخ، وتحديات مرتبطة بالانتقال والتحول للطاقة المتجددة، وندرة الموارد الطبيعية، مشيراً إلى أنه برغم تلك التحديات قامت الدولة المصرية بجهود حثيثة فى قطاع الطاقة لأجل تحسين إنتاجية هذا القطاع من جانب، والحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عنه من جانب آخر، والنهوض باتجاه مشروعات جديدة تُسهم فى تحقيق الانتقال العادل للطاقة، ولعل أبرز تلك الإسهامات:

-تشييد محطة الطاقة النووية فى الضبعة لتوليد الكهرباء.

-اتخاذ قطاع الكهرباء عددًا من الإجراءات للحفاظ على البيئة وضمان استدامتها إذ اعتمدت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة خطة طوارئ لمكافحة تلوث مياه النيل الناتج عن المحطات التى تقع على جانبى النهر.

-تعزيز القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة كالمياه والشمس والرياح بتشييد وبناء المحطات الجديدة

-دعم البنية التحتية لقطاع الطاقة وذلك لترشيد الاستهلاك؛ حيث تم دعم الجهد الفائق والعالى لمحطات الطاقة بإجمالى ٥٠ ألف كيلومتر من الخطوط الهوائية والكابلات الأرضية، إضافة إلى استبدال العدادات الذكية بعدادات القراءة التقليدية، فحتى تاريخه تم تركيب نحو ٩.٩ ملايين عداد مسبوق الدفع بشركات توزيع الكهرباء، إضافة إلى الاتفاق على إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات الخاصة بها.

وأفاد التقرير فى ختامه بأن تغير المناخ وما يصاحبه من ظواهر مناخية متطرفة تؤثر تأثيرًا بيِّنًا على مستقبل قطاع الطاقة فى مختلف دول العالم ومنها بالتأكيد مصر، فبرغم الجهود الدولية لأجل التخفيف والتكيف مع الطقس المتطرف فى هذا القطاع، فإن التأثيرات بالغة فى عدد من قطاعات الطاقة وعلى وجه التحديد قطاع الطاقة المتجددة، بل قد وصلت فى بعض الأحيان بتهديد إنتاجية الطاقة فى ظل الطلب المتزايد على مصادرها بفعل السياقات الدولية المتغيرة واحتياجات التنمية والتطوير المستمر؛ لذا يتعين أن تتضافر الجهود الدولية والوطنية لأجل التحرك جماعيًّا من خلال الاتفاقات والسياسات والبرامج والخطط والاستراتيجيات لإنقاذ مستقبل الطاقة فى العالم، وذلك باعتبار أن المناخ ظاهرة فاقت حدود وإمكانات وقدرات الدول على مواجهتها فرادى دون تضافر الجهود معًا.

للإطلاع على النص الأصلي
43
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات