لم يكن الطريق سهلًا أمام الدكتورة مريم محمد، استشاري أمراض النساء والتوليد بالمعاش، لكنها اختارت أن تكون الأب والأم في آن واحد، لتكمل مسيرتها بعد وفاة زوجها، تاركًا لها مسؤولية تربية ثلاث فتيات صغيرات.
في عام 1992، أصيب زوجها بمرض ضمور العضلات، ليبدأ صراع الأسرة مع العلاج، قبل أن يرحل عام 1996، تاركًا وراءه زوجة شابة وابنتهما الكبرى في الصف الأول الابتدائي، بينما كانت شقيقتاها في رياض الأطفال. لم يكن أمام مريم سوى الصمود والمضي قدمًا. تقول:
«كنت حينها طبيبة مقيمة، ولم أحصل بعد على الدراسات العليا، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى استكمال تعليمي، ليس فقط من أجلي، بل من أجل بناتي أيضًا.»
ورغم مشقة العمل والدراسة، لم تتخلَ عن مسؤولياتها كأم، فكانت تنظم وقتها بعناية، وتحرص على التواصل الدائم مع بناتها حتى أثناء العمل، مؤكدة:
«لم أشأ أن يشعرن بفقدان الأب، فكنت لهن كل شيء، وكنت أتواصل معهن حتى خلال فترة الجامعة عبر الهاتف، حتى لا يشعرن بالغربة.»
لم يذهب هذا الجهد سُدى، فقد أصبحت بناتها اليوم نماذج ناجحة في مجالات مختلفة، حنان، أخصائية أمراض نفسية وعصبية، تُعد الدكتوراه بجامعة عين شمس وشيماء، مدرس مساعد بكلية طب الأقصر، والصغرى زينب، صيدلانية.
وتضيف مريم بفخر: «علمتهن تحمل المسؤولية، واليوم كل واحدة منهن تسعى لتكوين أسرتها، لتكون سندًا لأبنائها في المستقبل، كما كنت أنا لهن.»
عبرت مريم عن امتنانها للتكريم الذي حصلت عليه، موجهة الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي وحرمه على الاهتمام الكبير بالمرأة المصرية في جميع المجالات. وتؤكد:
«المرأة المصرية تلعب دورًا بطوليًا في المجتمع، فهي طبيبة ومهندسة ومحامية ومديرة، وتسهم في نهضة مصر بكل قوة.»
وفي رسالة ملهمة لكل الأمهات، قالت:
«لا تبخلن في التضحية، قدمن لأبنائكن المثل والقدوة، فكل أم تستحق التكريم على ما تبذله من جهد وتضحيات لتربية جيل قادر على بناء مصر المستقبل.»