اليوم السابع

2019-01-22 10:41

متابعة
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 يناير 1970.. عبدالناصر يفاجئ القادة السوفيت فى اجتماعهم السرى بموسكو بطلب «صواريخ سام 3».. وكوسيجين يرد: «يستحيل»

نزل الرئيس جمال عبدالناصر من السيارة أمام الفيلا رقم واحد على تلال لينين على نهر مسكوفا، ونزل أعضاء الوفد المرافق له يوم 22 يناير، مثل هذا اليوم 1970، وعلى باب الفيلا وجد عبدالناصر زعيم الاتحاد السوفيتى ليونيد بريجنيف واقفا فى انتظاره ومعه وزير الدفاع المارشال «غريتشكو».. كانت الزيارة «سرية».

 

كانت الزيارة رسمية، ووفقا لمحمد حسنين هيكل فى برنامجه «تجربة حياة» على «فضائية الجزيرة»: «أحس بريجنيف أوقالوا له إن عبدالناصر تعبان، فقال: «نخلى الجلسة بكرة»، فرد عبدالناصر: «دلوقت احنا تقريبا بقينا الساعة 11، وممكن نريح شوية لكن حنبتدى الساعة 3 بعد الظهر النهاردة لأنه أولا مفيش وقت، وبعدين إذا كنا عاوزين نحافظ على سرية المحادثات فأهم حاجة أنها لا تطول مدتها».. يؤكد هيكل: «اتعمل ثلاث جلسات، مسائية فى نفس يوم الوصول، وصباحية ومسائية فى اليوم التالى، وأعقبها عشاء.. فى الجلسة الأولى شرح عبدالناصر الوضع على الجبهة، وفى المنطقة، وبدأوا هم يسألون على اللى حاصل فى العالم العربى، واهتموا بموضوعين، الأول عما جرى فى ليبيا «ثورة سبتمبر 1969»، وهل مصر على علاقة به؟ وما هى اتجاهات النظام فى ليبيا اللى جاى على موقع استراتيجى فى منتهى الأهمية على البحر الأبيض، وبموارد بترول لها أهمية؟».

 

يذكر هيكل أنه قام بشرح أهمية ليبيا، بوصفها قريبة من أوروبا، وأن بترولها هو بترول طائرات بالدرجة الأولى، ويضيف: «لفت نظرهم اللى جرى فى السودان قبل كده «انقلاب جعفر نميرى مايو 1969»، لكن لم يعلقوا عليه كثيرا.. وبعدين الموضوع الثانى اللى هم اهتموا به هو مؤتمر القمة، وبعدين حرب الاستنزاف».. يضيف هيكل: «بدأ عبدالناصر يتكلم، قال: احنا أول حاجة بالنسبة للأمور على الجبهة، أنا أعتقد إنه إحنا قد لا نكون عملنا معجزة، لكن على وجه اليقين عملنا شيئا مرضيا، وعندكم تقارير كل الخبراء، ونحن نعتقد أن الآن جاء الوقت، أنتم تكلمتم فى العمل السياسى لفترة طويلة ونهاية العمل السياسى زى ما اتصلتم وبتفويض مننا مع الولايات المتحدة الأمريكية، فات عليها مدة طويلة قوى، ووصلنا إلى اللى بيسموه مشروع روجرز«وزير الخارجية الأمريكية».. مشروع روجرز بالنسبة لنا احنا لم نعلن فيه رأيا لأن احنا عاوزين مسألة نصه على الانسحاب الكامل تبقى موجودة، لكن بقية المشروع فيه حاجات فيه نحن لا نستطيع قبولها، ونحن على أى حال منذ البداية نقول: «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، والرئيس بريجنيف تفضل وقال لى إن هذه تجربة الاتحاد السوفيتى بالضبط فى الحرب قدام هتلر».

 

انتقل عبدالناصر إلى قضية أخرى قائلا: «غارات العمق عندنا مشكلة كبيرة جدا.. عندنا مشكلة دفاع جوى فى غارات العمق، احنا رفعنا كفاءة القوات المقاتلة على الجبهة إلى درجة أرغمت الإسرائيليين على أن يعيدوا التفكير فى مواجهة من نوع آخر».. تناول عبدالناصر التقارير التى تتحدث عن التغيرات التى حدثت فى المجتمع الإسرائيلى بسبب حرب الاستنزاف، مثل «الشباب الإسرائيلى بيهرب من الحرب على الجبهة، بدأ يبقى فى إسرائيل شباب مش مستعد يموت.. وأن تكاليف الدفاع فى حرب الاستنزاف بدأت ترتفع من تكاليف سنوية قدرها 260 مليون دولار سنة 1968، والآن 680 مليون دولار طبقا لأرقام موثقة من البنك المركزى الإسرائيلى».

 

أضاف عبدالناصر: «الإسرائيليون أمام كفاءة القوات المصرية، وأمام أعباء نفسية على الشباب الإسرائيلى، والأعباء المادية رأوا أن ينقلوا المعركة إلى العمق، ونحن نواجه مشاكل دخول الطائرات الفانتوم فى معارك العمق وقدرتها على الطيران المنخفض، وصواريخ سام2 إللى إحنا أخذناها منكم، واللى احنا استعملناها طوال الوقت بتصلح جدا للارتفاعات العالية فوق خمسمائة متر، لكن الإسرائيليين مابيجوش فوق الأهداف الحيوية عندنا فى العمق فى هذا الارتفاع، بينزلوا بطيران واطى جدا وبيضربوا».

 

انتقل عبدالناصر إلى مطلبه قائلا: «نحن نطلب نوعا آخر من الصواريخ نعلم أنه موجود عندكم سام3»، يؤكد هيكل: «فى هذه اللحظة قال كوسيجين: «يستحيل ده، أولا لسه تحت التطوير، ولم يدخل فى الخدمة».. قاطع بريجنيف رئيس وزارئه، قائلا: انتظر لما الرئيس ناصر يكمل كل كلامه».. استكمل عبدالناصر: «إننا الآن فى حاجة إلى نقلة جديدة فى موضوع الصواريخ»، وتكلم كوسيجين: «المسألة فى استخدام سام2، كل سلاح فى واقع الأمر صالح إذا عرفت الطريقة المثلى لاستخدامه، ونخشى أن تكون هناك أخطاء فى استخدامه، وده ممكن حله والعسكريون يقعدوا ويتكلموا».. يعلق هيكل: «عبدالناصر كان عنده معلومات واضحة عن سام 3، ومصمم على الحصول عليه، وفى نهاية الجلسة قال بريجنيف: «صديقنا ناصر يريد أن يحصل على كل ما يريد، ونحن نريد أن نقدم له كل ما يحتاجه، وهناك فرق بين ما يريد وبين ما يحتاجه»، واقترح اجتماعا للعسكريين من الجانبين.. وتواصلت المناقشات فى اليوم التالى.

للإطلاع على النص الأصلي
0
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات