حبه للفن، وثوراته المتكررة على كل ما هو معتاد، كانا سببا في زواج الفنان الراحل صلاح جاهين أكثر من مرة، فرغم قدرته على الاعتياد على الحياة الزوجية إلا أنه كان يشبه ريشته الذي كان يرسم بها، دائما ما تكون هائمة بين اليمين واليسار وتستقر للحظات فقط.

كان يقدس الحياة الزوجية ويرى أن استمرار الحب هو الدافع الوحيد لاستمرار الزواج، ورغم ذلك تزوج مرتين، كان قلبه قادرا على الحب من جديد وكأنها المرة الأولى، رغم الكثير من التحديات كـنوبات اكتئاب، وتحديات، وفارق سن، واختلاف أديان.

تزوج جاهين أول مرة من زميلته الرسامة، السيدة سوسن زكي، في عام 1955، وأنجب منها بهاء وأمينة، وكان لقاؤهما بسبب حب سوسن للرسم ولكن منعها أهلها من دراسته، فالتحقت بمؤسسة دار الهلال للعمل بها كرسامة.

والتقت هناك صلاح جاهين، الذي كان يعمل في مجلة التحرير، وتعارفا وتمت خطبتهما وسرعان ما تزوجا، وكان اتفاقهما أن يصارحا بعضهما بكل شيء، واستمر زواجهما لمدة 12 عاما فقط بسبب أحد الاعترافات لها.

ونفذ جاهين الاتفاق، وصارحها بأنه يحب امرأة أخرى وهي "الفلسطينية منى قطان"، مما جعل السيدة سوسن تطلب الطلاق وانفصلا في هدوء ولكن حافظا على علاقتهما كصديقين.

منى قطان، فلسطينية ارتضت لقب الزوجة الثانية، وكان لها قصة أخرى طويلة منذ خروجها من بلدها وحتى ارتباطها بجاهين، فقد ولدت منى في حيفا بفلسطين، وكان والدها رجل أعمال فلسطينيا من أصول لبنانية، ولكن في عام 1947 تبدلت الأحوال وانتقلت إلى القاهرة بسبب قرار تقسيم فلسطين المفاجئ.

كانت والدتها جاكلين خوري صحفية تعمل في جريدة الأهرام، وتواجدت منى مع والدتها داخل المبنى حتى أنها أحبت العمل في هذا المجال، وقررت العمل في الإذاعة.

التقت منى بجاهين لأول مرة في جريدة الأهرام في عام 1963، هي صحفية، وهو رسام كاريكاتير، وأعجبا ببعضهما منذ اللحظة الأولى ولكن لم يعترفا بذلك بسبب وجود الكثير من العقبات والتحديات التي تتمم زواجهما.

كانت منى تصغر جاهين بـ 13 عاما، وكان جاهين في ذلك الوقت متزوجا ويحب زوجته سوسن، فضلا عن السبب الأقوى وهو اختلاف ديانتهما، ومعارضة أهلها للزواج منه.

وكان الحل لاستمرار علاقتهما هو أن يرتبطا حتى تتحسن الظروف ويتزوجا، وبالفعل ارتبطا لمدة ثلاثة أعوام حتى تمت خطبتهما في عام 1966، وعلى الرغم من إصابة صلاح جاهين باكتئاب بعدها بعام بسبب الأحداث السياسية إلا أن وجود منى في حياته هوّن عليه الكثير.

كان جاهين بالنسبة لمنى والدها الذي افتقدت حنانه، وصديقها الذي لم تجده في بلاد غريبة عن بلدها، وحبيبها الذي يدعمها في كل شيء، وأخيرا زوجها الذي ناضل وتحدى كل الظروف من أجل تتويج حبهما بالزواج.

واستمر زواجهما أكثر من 20 عاما، وأنجبت منه ابنتهما الوحيدة سامية جاهين في عام 1976، وهذا العام هو نفسه الذي قرر فيه جاهين أن يعود إلى زوجته الاولى سوسن، ووافقت أن تُرد إلى عصمته مرة أخرى لأنها كانت لا تزال تحبه، ولكن كان زواجهما صوريا فقط حتى وفاته.