جريدة القبس الإلكترونية

2019-05-01 22:32

متابعة
تقنية النانو أحدثت ثورة في علاج السرطان

إعداد د. خلود البارون –

برنامج «أنفوي» العلمي، ترعاه وزارة الخارجية الاميركية، ويقوم بإرسال علماء اميركيين وخبراء متميزين في مجالاتهم لزيارة دول الشرق الاوسط. وهو برنامج مستمر طوال العام، حيث يزور الكويت خبراء كل فترة. فقد زارها أخيرا خبراء من وكالة ناسا للفضاء، وسيزورها قريبا خبير في جودة الهواء. وهدف هذا البرنامج هو تبادل الخبرات وتعزيز علاقة السفارة الاميركية مع الشعوب والتعارف. وضمن هذا البرنامج، زار الكويت أخيرا دكتور يعتبر اسمه من أكثر اسماء العلماء طلبا وسؤالا عبر محرك «غوغل». وهو د. روبرت لانجر، البروفيسور في مختبر ديفيد كوج التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو عالم حائز وسام قلادة العلوم الوطنية الأميركية. ووفق ويكبيديا فهو يحمل عدة مسميات وظيفية مثل مخترِع، أستاذ جامعي، ومهندس كيميائي، عالم في التقانة الحيوية وخبير في الهندسة الطبية الحيوية. وعلى هامش المحاضرة التي اقيمت في كلية الهندسة بجامعة الكويت بعنوان «تقنية النانو واثرها في علاج السرطان» شرح البروفيسور قائلا «مثلما سبب التطور في طرق اكتشاف السرطان مبكرا زيادة عدد الناجين، فان ثورة التكنولوجيا في علم الصيدلة وتقنيات علاج السرطان اسهمت بشكل جذري في انقاذ حياة كثير من المصابين بالسرطان واستمرار حياتهم. ويؤمل بالتوصل مستقبلا الى تقنية ثورية في العلاج المناعي، تمكن هندسة خلايا المناعة السوبر التي تقوم بتدمير خلايا السرطان من دون اذية للخلايا الطبيعية. كما يؤمل بالتوصل الى ابتكار لقاحات لبعض انواع السرطان».

البداية

تخرج د. روبرت سنة 1974 من قسم الهندسة الكيميائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT. وبعكس معظم من تخرجوا في دفعته ممن توجهوا الى القطاع النفطي والصناعي، بحث عن مهن غير تقليدية وأكثر اثارة للفضول والتحدي. وقال «قدمت على عدة وظائف لكن باءت جميع آمالي فيها بالفشل الى ان وصلت الى دكتور عالم في ابحاث سرطان ويوظف تخصصات غير اعتيادية حتى تخدم مجال الطب. وكانت فكرته تتمحور حول آلية نمو الأورام. فخلايا السرطان لا تستطيع ان تنمو من دون تكوين اوعية دموية جديدة توفر لها التغذية والاوكسجين. وعليه، تقوم خلايا الورم بتحفيز تكوين اوعية دموية جديدة عبر بعث اشارات كيميائية او انزيمات يطلق عليها اسم TAF. وطلب مني اثبات هذه النظرية التي تعرضت للمحاربة لعدة سنوات قبل ان اثبتها بعد 5 سنوات من البحث. وأدى ذلك الى ابتكار انواع جديده من العقاقير تعمل على تثبيط اشارات تكوين الاوعية الدموية، مما يؤدي الى موت الورم، وسميت هذه العقاقير بمثبطات TAF».

أول عقار في سنة 2004

ظل ابتكار عقاقير مثبطات TAF خاملا لمدة 23 سنة تقريبا، الى سنة 2004 بعد حصول عقار لتدمير خلايا سرطان القولون على الموافقة الطبية الدولية. وهو اول عقار يستخدم هذه التقنية ولا يزال من أكثر العقاقير بيعا. حيث احتل المرتبة الرابعة في قائمة اكثر العقاقير مبيعا في الاسواق الاميركية. وتلا ذلك تصريح تداول زخم كبير من العقاقير المختلفة والفعالة في منع تكوين اوعية دموية وعلاج الاورام. وبالإضافة الى علاج السرطان، ابتكرت عدة عقاقير تستخدم تقنية تثبيط TAF لعلاج عدة امراض مثل أمراض العين والسكري والجلطات والادمان والشيزوفرينيا وغيرها.

تقنية حاملات العقاقير والهندسة الوراثية

سخرت ابحاث د. روبرت تقنية مركبات النانو في ابتكار مركبات علاجية تقوم بحمل العقاقير بكل أمان وإيصالها الى العضو او المنطقة المعنية. مما سمح بإيصال جرعة عقاقيرية عالية بشكل خاص ومحدود الى النسيج المريض حتى تعالجه من دون ان تسبب ضررا للجسم او الاعضاء المحيطة. كما استغلت هذه التقنية في إيصال أحماض امينية الى حمض الخلايا النووي بهدف الهندسة الوراثية وعلاج الامراض او الوقاية منها. ويؤمل ان تسهم هذه التقنية في ابتكار مركبات تتمكن من هندسة الخلايا وراثيا لمنع اصابتها بالسرطان بشكل مشابه للتلقيح ضد الاورام.

ابتكار خلايا المناعة السوبر

ومن المجالات الثورية استخدام تقنية مركبات النانو في الهندسة الوراثية لابتكار خلايا مناعية تسمى «تي» تتمتع بقوة كبيرة تمكنها من تدمير خلايا الاورام ذاتيا. مما يعلل تسميتها بخلايا السوبر. وفكرة هذه التقنية، هي استغلال مركبات النانو في ايصال احماض امينية الى الحمض الوراثي لخلايا المناعة بهدف تعديلها وراثيا حتى تصبح خلايا سوبر. وبدأت التجارب الإكلينيكية لهذا النوع من العلاج المناعي فعلا، والنتائج الاولية تثبت فعاليتها وأمانها.

مختبر داخلي للأورام

من العوامل التي يتطلبها علاج الاورام السرطانية وضع خطة علاج تتناسب مع نوع خلايا السرطان واستجابتها للعقاقير العلاجية. ولتحديد ذلك يجب ان يتم استئصال عينة من الورم وبعثها الى المختبر حتى تخضع للتحليل، وتتعرض لعدة انواع من العقاقير الى ان يتم اكتشاف العقار الاكثر تأثيرا وتدميرا لخلايا الورم. وهذه عملية مكلفة وتستغرق وقتا طويلا وقد تتطلب خضوع المريض لعملية جراحية صعبة. ولكن تقنية شرائح النانو ابتكرت ما يمكن تسميته «مختبر مصغر» يمكن ادخاله الى الورم حتى يقوم بفحص استجابة خلايا الورم لعدة انواع من العقاقير. حيث تم ابتكار شريحة أسطوانية صغيرة جدا تحتوي على 50 مستودعا (50 جرعة عقار) تحقن في عمق الورم ثم تبرمج على افراز العقاقير وفق نظام مدروس. وبما ان جرعات العقاقير صغيرة حدا (بالميكرو ميللي) فلن تسبب أذية الجسم، بل سيقتصر اثرها على خلايا الورم المحيطة بها فقط. وتبقى الشريحة في الجسم لمدة 24 ساعة ثم يتم سحبها باستخدام حقنة ذات قطر كبير نسبيا، حتى تسحب الشريحة وكمية من النسيج المحيط بها. وفي المختبر، سيتم تحليل استجابة خلايا النسيج المحيطة بمستودعات العقاقير وتحديد افضل عقار تدميرا للخلايا. وهذه التقنية البسيطة تمكن الطبيب من تحديد نوع خلايا الورم والعقار الانسب لتدميرها خلال 48 ساعة فقط. وحصلت هذه التقنية على موافقة FDA وتستعمل حاليا في بعض المراكز الطبية وخاصة لفحص اورام الثدي.

شرائح تزرع في الجسم

طور فريق بحث دكتور روبرت شرائح MICRO-CHIP صغيرة الحجم جدا (اصغر من حجم الفلس الواحد) تحتوي على مستودعات يمكن ملؤها بعقاقير مختلفة او جرعات مختلفة من العقار نفسه. وهي شرائح آمنة للزراعة في الجسم البشري ومهمتها افراز جرعات العقاقير مباشرة في الدم عبر فتح كل مستودع (افراز العقار) تبعا لبرمجة تتم عبر الحاسوب او التلفون الذكي او جهاز تحكم (ريموت كنترول). وكانت أول شريحة تحتوي على 86 مستودعا، أما الآن فتتوافر شرائح تحتوي على ما يصل الى 400 مستودع (بالتالي جرعة عقاقيرية). وتم إكلينيكيا تجربة تقنية زراعة الشرائح بعدما حصلت على موافقة فدرالية الدواء والغذاء FDA. وتوجد في اجسام عدة مرضى في العالم. ويأمل الباحثون في استخدام هذه التقنية مستقبلا لعلاج الاورام بشكل فتاك ومحدود.

للإطلاع على النص الأصلي
0
0
مشاركة
حفظ

آخر الأخبار

أحدث الأخبار

    أحدث الفيديوهات