أودعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، حيثيات حكمها بمعاقبة مضيفة الطيران بالسجن المشدد 15 سنة المتهمة بإنهاء حياة ابنتها، بالتجمع الأول.
قالت المحكمة، فى حيثيات حكمها المودعة برئاسة المستشار وجيه حمزة شقوير، وعضوية المستشارين كامل سمير كامل وسامح العنتبلى وشريف السعيد، إنه استقر فى يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر الأوراق وما تم فيها من تحقيقات ومما دار بشأنها بالجلسات، تتحصل فى أن المتهمة «أميرة. ب» تونسية الجنسية «وتعمل فى مجال الطاقة والروحانيات وعملت سابقًا مضيفة بالطيران.
وقد تزوجت من مهندس مصرى وأقامت معه بالقاهرة ورزقت منه بالطفلة «تارا» المجنى عليها، وأن المتهمة قد أوعز لها شيطانها ودلها تفكيرها الآثم إلى قتل نجلتها التى لم يتجاوز عمرها عامين دون ذنب قد ارتكبته أو إثم قد اقترفته، بأن أحضرت إحدى حقائبها المصنوعة من القماش ثم أحضرت أداة «مقص» وقصت حمالتها حتى أصبحت «حبلًا»، وبدم بارد لفت الحبل حول عنق نجلتها النائمة كالملاك فى أمان الله، وظلت تضغط على عنقها دون رحمة مستغلة ضعفها وقلة حيلتها حتى فارقت الطفلة الحياة وتناست المتهمة كل معانى الأمومة، معللة جرمها بأنها تحدث لها يقظة روحانية حتى تصبح مستنيرة وترى أشياء لا يراها الآخرون.
وأنها جاء إليها هاتف وأمرها بأن تذهب إلى زوج آخر الذى هو فى السماء شريطة أن تصعد نجلتها معها إلى رب العباد، وكان لازمًا أن تضحى بفلذة كبدها فى الدنيا فى سبيل أن تعيش معها فى الحياة الثانية الأبدية التى ستذهب إليها، وتوجهت لحجرة نجلتها للخلود للنوم، وحال انفرادها بنجلتها التى هى نائمة فى أمان الله بفراشها نفذت ما أوحى إليها من أوهام فى خلدها وحدها بأنه حان وقت الذهاب ونجلتها للرفيق الأعلى والابتعاد عن أشرار الأرض، ونفذت جرمها بدم بارد وقسوة قلب، وتنامى إلى سمع زوجها المتواجد خارج الغرفة أنينها وسارع لاستطلاع الأمر فوجدها على فراشها وعليها غطاء، فنزعه من عليها ووجدها تضرب نفسها بسكين صغير فى رقبتها للتخلص من حياتها، فحاول منعها عما تفعله وإنقاذها، إلا أنها لم تبالِ وتوجهت للمطبخ وأحضرت سكينًا آخر كبيرًا وظلت تطعن نفسها ونقلت للمستشفى للعلاج حتى تعافت.
استندت الحيثيات إلى اعترافات المتهمة بتحقيقات النيابة العامة وإقرارها بقتل نجلتها نتيجة أسباب خارجة عن إرادتها لإبعادها عن أشرار المتواجدين على الأرض، ونفذت ما أمرت به بقتلها نجلتها.
وتضمنت الحيثيات الاستناد إلى تقرير المجلس القومى للصحة النفسية الذى أفاد أن المتهمة لا تعانى فى الوقت الحالى ولا فى وقت الواقعة موضوع الاتهام من أى اضطراب نفسى أو عقلى يفقدها أو ينقصها القدرة والاختيار على الإدراك والتمييز والحكم على الأمور، مما يجعلها مسؤولة جنائيًا عما أُسند إليها من اتهام فى الواقعة.
أضافت «الحيثيات» أن تقرير اللجنة الخماسية المشكلة من أطباء نفسيين بناء على طلب الدفاع بشأن بيان الحالة النفسية والعقلية للمتهمة انتهى إلى ذات النتيجة التى انتهى إليها التقرير الأول، بأنها لا تعانى من ثمة أمراض نفسية أو عقلية ومسؤولة عن أفعالها.
وجاءت تحريات المباحث بأن المتهمة، أبان تواجدها رفقة زوجها وصغيرتها المجنى عليها بمسكنهم، وحال استغراقها فى النوم، اختمر فى ذهنها التخلص من نجلتها، فأعدت لهذا الغرض قطعة قماشية (حبل) قصته من إحدى الحقائب، وأعملته فى عنقها حتى أردتها قتيلة، معزيًا قصدها إزهاق روح المجنى عليها. وثبت من تقرير الطب الشرعى أن الإصابة الموجودة حول العنق ناتجة عن الاحتكاك بجسم صلب مرن ذو حواف متعرجة وسطح خشن، وأن الوفاة نتيجة إسفكسيا الخنق.
أوضحت الحيثيات أن زوج المتهمة قال فى شهادته إنها اعتنقت معتقدات إلحادية تتعلق بالعلاج الروحانى من خلال الطاقة، استلهمتها من بعض معلميها بدول عدة عبر موقع التواصل الاجتماعى، تطورت إلى امتهانها العلاج الروحانى. وقبيل ارتكاب الواقعة، ادعت تلقيها توجيهات من مرشديها لتلتحق برفيقها الأعلى إذ أتمت رسالتها المنشودة. وبتاريخ الواقعة، أيقظته من ثباته طالبة سكينًا قاتلًا، مؤكدة أن وقت رحيلها قد حان بالتخلص من حياتها، فحاول إعادتها لرشدها، ثم أخبرته أنها ستخلد إلى النوم حتى يهدأ روعها. فشاركت كريمتها غرفتها، واستمع لصوت ضجيج، فلحق بها حيث وجدها مستلقية بجوار كريمتها ومسجاة بغطاء، فكشفه عنها ليبصرها ماسكة بسكين نافذ بعنقها. فصاحبها خارج الغرفة، ظانًا استغراق نجلتهما فى النوم، واتصل بالإسعاف لنجدة زوجته. وتوجهت إلى المطبخ فالتقطت سكينًا وطعنت نفسها، ولما خارت قواها، سقطت أرضًا فاقدة لوعيها. فعاد ليطمئن على كريمته، فأبصرها راقدة ولف حول رقبتها حبل، فانتزعه. وبوصول المسعفين ونقل كريمته إلى أحد المراكز الطبية تبين وفاتها.
تابعت «الحيثيات»: تلقى قسم شرطة التجمع الأول، بلاغًا يفيد مشاهدة أحد الأشخاص يحمل طفلة ملطخة بالدماء أسفل العقار محل الواقعة. وبالتوجه للفحص وإجراء التحريات، توصل إلى ارتكاب المتهمة الواقعة، وباستدعائها أقرت بامتهان مجال الطاقة والعلاج الروحانى. ويوم الواقعة، إبان تواجدها بالعين محل سكنها رفقة زوجها وصغيرتها المجنى عليها، وحال استغراق الأخيرة فى نومها، اختمر فى ذهنها التخلص من نجلتها، وأعدت لهذا الغرض قطعة قماشية (حبل) قصته من إحدى الحقائب خاصتها وأعملته فى عنقها حتى أردتها قتيلة، وبلغت لذلك مقصدها. ثم سرعت فى الانتحار إلا أنه خاب أثر مخططها لتداركها بالعلاج، وبضبطها ادعت تلقيها توجيهات من ملهميها.
يذكر أن الدولة تعمل على تقديم الدعم للمرضى النفسيين من خلال أكثر من جهة خط ساخن لمساعدة من لديهم مشاكل نفسية أو رغبة فى الانتحار، أبرزها الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والسكان، لتلقى الاستفسارات النفسية والدعم النفسى ومساندة الراغبين فى الانتحار، من خلال رقم 08008880700، 0220816831، طوال اليوم. كما تحذر دار الإفتاء من مخاطر وإثم الانتحار.