أرست المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، قاعدة قانونية هامة بخصوص القضاء التأديبي، فأكدت أنه إذا ركب الموظف متن الشطط وامتطى دابة الغفلة وأرخى للتهاون عنانه خرج بركبه ودابته عن الحدود التي رسمها له المشرع والضوابط التي وضعتها الإدارة وعلق في جانبه مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة بما تقوم به مسئوليته التأديبية، فعن يقين يحق عليه الجزاء .
وقالت المحكمة إنه لا إلزام على القاضي التأديبي والمحكمة التأديبية، أن تشير في أسباب حكمها إلى كل ورقة أو مستند يقدم إليها، فحسبها لصحة حكمها أن تشير فقط إلى ما تستند إليه فيما ينتهي إليه قضاؤها، إذ أن للمحكمة كامل الحرية في تقدير ما تأخذ به مما يقدم إليها من مستندات وما تطرحه منها، بما لا يسوغ معه للطاعن الاستمساك ببطلان الحكم بقول إخلاله بحق الدفاع إهدار بعض المستندات وعدم التعويل عليها أو على ما شهد به بعض الشهود في التحقيقات.
وأكدت المحكمة أنه ومادام الحكم قد أبرز إجمالا الحجج التي كونت قضاءه طارحا بذلك ضمنا الأسانيد التي قام عليها دفاع الطاعن، فالقاضي التأديبي بما يتمتع به من حرية في مجال الإثبات غير ملزم بإتباع طرق معينة، فهو الذي يحدد طرق الإثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها ويبني عليها اقتناعه ويهدر ما يرتاب في أمره أو يخالطه شكًا، فيطرحه بعيدًا عن قناعاته التي هي وحدها سند قضاءه وركيزة أسبابه .
وأوضحت المحكمة أن عمل القاضي التأديبي يقوم على أن الدقة والأمانة واجبين من أهم الواجبات التي وسدها المشرع للموظف العام حال أداء العمل المكلف به، وهو ما يقتضى منه أن يبذل قصارى جهده ويتحرى كل إجراء يقوم به تحرى الرجل الحريص ويتسلح في ذلك بالحذر والتحرز ويؤديه عن بصر وبصيرة واضعا نصب عينيه ما يلزمه به القانون وتقضى به التعليمات المنظمة للعمل أو أداء الخدمة .